كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

8306 - (من أجل سلطان الله يوم القيامة) أراد بسلطان الله الإمام الأعظم أو المراد بسلطانه ما تقتضيه نواميس الألوهية وهذا خبر أو دعاء مفهومه أن من أهانه أهانه الله وقد ورد هذا صريحا في خبر رواه الطيالسي
(طب عن أبي بكرة)
8307 - (من أحاط حائطا على أرض فهي له) أي من أحيا مواتا وحاط عليه حائطا من جميع جوانبه ملكه فليس لأحد نزعه منه وهذا حجة لأحمد أن من حوط جدارا على موات ملكه وعند الشافعية الإحياء يختلف باختلاف المقاصد وحملوا الخبر على من قصد نحو حوش لا دار
(حم د) في الإحياء (والضياء) في المختارة كلهم من حديث الحسن (عن سمرة) قال ابن حجر: في صحة سماعه منه خلف ورواه عبد بن حميد من حديث جابر
8308 - (من أحب لله) أي لأجله ولوجهه مخلصا لا لميل قلبه وهوى نفسه (وأبغض لله) لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه (وأعطى لله) أي لثوابه ورضاه لا لميل نفسه (ومنع لله) أي لأمر لله كأن لم يصرف الزكاة لكافر لخسته وإلا لهاشمي لشرفه بل لمنع الله لهما منها واقتصار المصنف على هذا يؤذن بأن الحديث ليس إلا كذلك بل سقط هنا جملة وهي قوله ونكح لله هكذا حكاه هو عن أبي داود في مختصر الموضوعات (فقد استكمل الإيمان) بمعنى أكمله ذكره المظهر قال الطيبي: وهو بحسب اللغة أما عند علماء البيان ففيه مبالغة لأن زيادة البناء زيادة في المعنى كأنه جرد من نفسه شخصا يطلب منه الإيمان وهذا من الجوامع المتضمنة لمعنى الإيمان والإحسان إذ من جملة حب الله حب رسوله ومتابعته
لو كان حبك صادقا لأطعته. . . إن المحب لمن يحب مطيع
ومن جملة البغض لله النفس الأمارة وأعداء الدين وقال بعضهم: وجه جعله ذلك استكمالا للإيمان أن مدار الدين على أربعة قواعد: قاعدتان باطنتان وقاعدتان ظاهرتان فالباطنتان الحب والبغض والظاهرتان الفعل والترك فمن استقامت نيته في حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل مراتب الإيمان
(تتمة) قال في الحكم: ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا ولا يطلب منه عرضا بل المحب من يبذل لك ليس المحب الذي تبذل له وقال ابن عربي: من صفة المحب أنه خارج عن نفسه بالكلية وذلك أن نفس الإنسان الذي يمتاز بها عن غيره إنما هي إرادته فإذا ترك إرادته لما يريد منه محبوبه فقد خرج عن نفسه بالكلية فلا تصرف له إلا به وفيه وله فإذا أراد به محبوبه أمرا علم هذا المحب ما يريده محبوبه منه أو به سارع لقبوله لأنه خرج له عن نفسه فلا إرادة له معه
(د) في السنة (والضياء) المقدسي وكذا البيهقي في الشعب (عن أبي أمامة) وخرجه الترمذي وكذا الإمام أحمد عن معاذ بن أنس مثله قال الحافظ العراقي: وسند الحديث ضعيف اه. أي وذلك لأن فيه كما قال المنذري القاسم بن عبد الرحمن الشامي تكلم فيه غير واحد
8309 - (من أحب لقاء الله) أي المصير إلى ديار الآخرة بمعنى أن المؤمن عند الغرغرة يبشر برضوان الله وجنته فيكون موته أحب إليه من حياته (أحب الله لقاءه) أي أفاض عليه فضله وأكثر عطاياه (ومن كره لقاء الله) حين يرى ماله من العذاب حالتئذ (كره الله لقاءه) أبعده من رحمته وأدناه من نقمته وعلى قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف -[30]- منال النفس من المعرفة التي بها تأنس بربها فتتمنى لقاءه والقصد بيان وصفهم بأنهم يحبون لقاء الله حين أحب الله لقاءهم لأن المحبة صفة الله ومحبة العبد ربه منعكسة منها كظهور عكس الماء على الجدر كما يشعر به تقديم يحبهم على يحبونه في التنزيل كذا قرره جمع وقال الزمخشري: لقاء الله هو المصير إلى الآخرة وطلب ما عند الله فمن كره ذلك وركن إلى الدنيا وآثرها كان ملوما وليس الغرض بلقاء الله الموت لأن كلا يكرهه حتى الأنبياء فهو معترض دون الغرض المطلوب فيجب الصبر عليه وتحمل مشاقه ليتخطى لذلك المقصود العظيم وقال الحرالي: هذه المحبة تقع لعامة المؤمنين عند الكشف حال الغرغرة وللخواص في محل الحياة إذ لو كشف لهم الغطاء لما ازدادوا يقينا فما هو للمؤمنين بعد الكشف من محبة لقاء الله فهو للموقن في حياته لكمال الكشف له مع وجوب حجاب الملك الظاهر
(تتمة) ذكر بعض العارفين أنه رأى امرأة في المطاف وجهها كالقمر معلقة بأستار الكعبة تبكى وتقول بحبك لي إلا ما غفرت لي فقال: يا هذه أما يكفيك أن تقولي بحبي لك فما هذه الجرأة؟ فالتفتت إليه وقالت له: يا بطال أما سمعت قوله تعالى {يحبهم ويحبونه} فلولا سبق محبته لما أحبوه فخجل واستغفر
(حم ق) في الدعوات (ت) في الزهد (ن) في الجنائز (عن عائشة وعن عبادة) بن الصامت وفي الباب غيرهما أيضا

الصفحة 29