كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

-[37]- 8335 - (من أحزن والديه) أي أدخل عليهما أو فعل بهما ما يحزنهما (فقد عقهما) قال الكلاباذي: إنما قصد أن لا تجفي الوالدين لأن فيه ألمهما فمن أحزنهما بقصد الجفاء فقد آلمهما وذلك عقوق
(خط في) كتاب (الجامع) لآداب المحدث والسامع (عن علي) أمير المؤمنين
8336 - (من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين) قال الحكيم: إنما فضل هذا على غيره من الأعمال لأن اليتيم قد فقد تربية أبيه وهي أعظم الأغذية لتعهده لمصالحه فإذا قبض الله أباه فهو الولي لذلك اليتيم في جميع أموره ليبتلي به عبيده لينظر أيهم يتولى ذلك فيكافئه والذي يكفل اليتيم يؤدي عن الله ما تكفل به فلذلك صار بالقرب منه في الجنة وليس في الجنة بقعة أشرف من بقعة بها سيدنا محمد وسائر الرسل صلى الله عليه وعليهم وسلم فإذا نال كافل اليتيم القرب من تلك البقعة فقد سعد جده وسما سعده قال الحرالي: في ضمنه تهديد في ترك الإحسان له فمن أضاع يتيما ناله من عند الله عقوبات في ذات نفسه وزوجه وذريته من بعده ويجري مأخذ ما تقتضيه العزة على وجه الحكمة جزاءا وفاقا وحكما قصاصا؟
(الحكيم) الترمذي (عن أنس) بن مالك
8337 - (من أحسن الصلاة حيث يراه الناس ثم أساءها حيث يخلو) بنفسه بأن يكون أداؤه لها في الملأ بنحو طول القنوت وإتمام الأركان وطول السجود والتخشع والتأدب وأداؤه إياها في السر بدون ذلك أو بعضه (فتلك) الخصلة أو الفعلة (استهانة استهان بها ربه) تعالى أي ذلك الفعل يشبه فعل المستهين به فإن قصد الاستهانة به كفر ومثل الصلاة في ذلك غيرها من العبادات قال ابن العربي: وهذا من أصعب الأمراض النفسية التي يجب التداوي لها ودواؤه أن يستحضر قوله تعالى {ألم يعلم بأن الله يرى} {ويعلم سركم وجهركم} {والله أحق أن تخشاه} ونحو ذلك من الآيات القرآنية {ما فرطنا في الكتاب من شيء}
(عب ع هب عن ابن مسعود) قال في المهذب مستدركا على البيهقي: قلت فيه إبراهيم الهجري ضعيف
8338 - (من أحسن في الإسلام) بالإخلاص فيه أو بالدخول فيه بالظاهر والباطن أو بالتمادي على محافظته والقيام بشرائطه والانقياد لأحكامه بقلبه وقالبه أو بثبوته عليه إلى الموت (لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية) أي في زمن الفترة قبل البعثة من جنايته على نفس أو مال {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ولا يعارضه {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} لأن معناه استحقاق الشر بالعقوبة ومن أحسن في إسلامه غفر له ما يستحقه من العذاب (ومن أساء في الإسلام) بعدم الإخلاص أو في عقده بترك التوحيد ومات على ذلك أو بعد الدخول فيه بالقلب والانقياد ظاهرا وهو النفاق (أخذ بالأول) الذي عمله في الجاهلية (والآخر) بكسر الخاء الذي عمله في الكفر فالمراد بالإساءة الكفر وهو غاية الإساءة فإذا ارتد ومات مرتدا كان كمن لم يسلم فيعاقب على كل ما تقدم
(حم ق هـ عن ابن مسعود) قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لمن سأله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ فذكره
8339 - (من أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس) لأنهم لا يقدرون على فعل شيء حتى يقدرهم الله عليه -[38]- ولا يريدون شيئا حتى يريده الله (ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته) ظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الحاكم ومن عمل لآخرته كفاه الله عز وجل دنياه اه بحروفه وبين بهذا الحديث أن صلاح حال العبد وسعادته وفلاحه واستقامة أمره مع الخلق إنما هو في رضا الحق فمن لم يحسن معاملته معه سرا واعتمد على المخلوق وتوكل عليه انعكس عليه مقصوده وحصل له الخذلان والذم واختلاف الأمر وفساد الحال فالمخلوق لا يقصد نفعك بالقصد الأول بل انتفاعك به والله تعالى يريد نفعك لا انتفاعه بك وإرادة المخلوق نفعك قد يكون فيها مضرة عليك وملاحظة هذا الحديث يمنعك أن ترجو المخلوق أو تعامله دون الله أو تطلب منه نفعا أو دفعا أو تعلق قلبك به والسعيد من عامل الخلق لله لا لهم وأحسن إليهم لله وخاف الله فيهم ولم يخفهم مع الله ورجا الله بالإحسان إليهم وأحبهم لحب الله ولم يحبهم مع الله
(ك في تاريخه) تاريخ نيسابور (عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده

الصفحة 37