كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

-[388]- 9733 - (لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا) أي هدفا يرمى بالسهام ونحوها لما فيه من العبث والتعذيب قاله لما رأى ناسا يرمون دجاجة محبوسة للرمي والنهي للتحريم لأنه لعن فاعل ذلك في خبر ولأنه تعذيب وتضييع مال بلا فائدة
(م) في الذبائح (ن هـ عن ابن عباس) ولم يخرجه البخاري
9734 - (لا تترك هذه الأمة شيئا من سنن الأولين) بفتح السين أي طريق الأمم (حتى تأتيه) زاد في رواية شبرا شبرا وذراعا ذراعا
(طس عن المستورد) بن شداد وقال الهيثمي: ورجاله ثقات
9735 - (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) أراد بالنار نارا بخصوصها وهي ما يخاف منه الانتشار قال النووي: هذا عام يشمل السراح وغيره وأما القنديل المعلق فإن خيف منه شمله الأمر بالإطفاء وإلا فلا لانتفاء العلة
(ق د ت هـ عن ابن عمر) بن الخطاب
9736 - (لا تمنوا) بحذف إحدى التاءين (الموت) فيكره ذلك وقيل يحرم لما فيه من طلب إزالة نعمة الحياة وما يترتب عليها من جزيل الفوائد وجليل العوائد كيف وفي زيادة الأجور بزيادة الأعمار ولو لم يكن إلا استمرار الإيمان لكفى فأي عمل أعظم منه؟ ثم إنه أطلق النهي هنا وقيده في غير ما حديث بكون تمنيه لضر نزل به والمراد الدنيوي لا الديني بدليل خبر لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل إلخ الحديث الآتي ومن المجموع عرف أن المنهي تمنيه لضرر دنيوي ولضرر ديني لا بأس فإن تجرد عنهما فمفهوم التقييد بالضرر أنه منهي غير أن أرجح الأنظار كما قاله الحافظ العراقي أن التقييد غالبي إذ الناس لا يتمنون إلا لضر فالمفهوم غير معمول به نعم قد استفاض عن جماهير من السلف تمنيه شوقا إلى الحضرة المتعالية الأقدسية ولا شك في حسنه بالنسبة لمقام الخواص. هذا وليس لك أن تقول إذا كانت الآجال مقدرة لا تزيد ولا تنقص فتمني الموت لا أثر له فالنهي عنه لا معنى له لأنا نقول هذا هو حكمة النهي لأنه عبث لا فائدة له وفيه مراغمة المقدور وعدم الرضا به ولا يشكل على كون تمنيه عبثا لا يؤثر في العمر لتقديره قول النبي صلى الله عليه وسلم في اليهود لو تمنوه لماتوا جميعا لأن ذاك بوحي في خصوص أولئك فرتبت آجالهم على وصف إن وجد ماتوا وإلا فلا والأسباب مقدرة كما أن المسببات مقدرة
(هـ عن خباب) بن الأرت ورواه أحمد والبزار وزاد فإن هول المطلع شديد قال الهيثمي: وسنده جيد
9736 - (لا تتمنوا لقاء العدو) لما فيه من صورة الإعجاب والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام به وهو مخالف للاحتياط ولأنهم قد ينصرون استدراجا ولأن لقاء العدو أشد الأشياء على النفس والأمور الغائبة ليست كالمحققة فلا يؤمن أن يكون عند الوقوع على خلاف المطلوب وتمني الشهادة لا تستلزم تمني اللقاء وأخذ منه النهي عن طلب المبارزة ومن ثم قال علي كرم الله وجهه لابنه: لا تدع أحدا إلى المبارزة ومن دعاك لها اخرج إليه لأنه باغ وقد ضمن الله نصر من بغي عليه ولطلب المبارزة شروط مبينة في الفروع إذا جمعت أمن معها المحذور في لقاء العدو (وإذا لقيتموهم) أي العدو ويستوي فيهم الواحد والجمع قال تعالى {فإنهم عدو لي} (فاصبروا) اثبتوا ولا تظهروا التألم إن مسكم قرح فالصبر في القتال كظم ما يؤلم من غير إظهار شكوى ولا جزع وهو الصبر الجميل {إن الله مع الصابرين} قال الحرالي: فيه إشعار لهذه الأمة بأن لا تطلب -[389]- الحرب ابتداء وإنما تدافع من منعها من إقامة دينها كما قال تعالى {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} فحق المؤمن أن يأتي الحرب ولا يطلبه فإنه إن طلبه فأوتيه عجز كما عجز من طلبه من الأمم السابقة وتمسك به من منع طلب المبارزة وقد يمنع ونبه بهذا الخبر على آفة التمني وشؤم الاختيار لأنهما ليسا من أوصاف العبودية إذ التمني اعتراض نفاه الله عن العباد بقوله {ما كان لهم الخيرة} {لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} فما ظهر من آفات التمني ما قصه الله عن آدم في تمني الخلود في جوار المعبود فعدمه وتعب فأتعب وموسى تمنى الرؤية فخر صعقا وداود سأل درجة آبائه إبراهيم وإسحاق فأوحى إليه إني ابتليتهم فصبروا فقال: أصبر فأصابه ما أصابه وجرى ما جرى وتمنى سليمان ألف ولد فعوقب بشق إنسان وتمنى نبينا هداية عمه فعاتبه الله بقوله {إنك لا تهدي من أحببت}
<تنبيه> قضية تصرف المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل له بقية مقيدة كان ينبغي للمؤلف أن لا يحذفها ونص البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض أيامه التي لقى فيها العدو وانتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس أي خطيبا فقال أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال اللهم يا منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم اه بنصه
(ق عن أبي هريرة)

الصفحة 388