كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

9803 - (لا تشربوا الخمر فإنها مفتاح كل شر) أي أصله ومنبعه ومن ثم كان شربها من أفجر الفجور وأكبر الكبائر بل ذهب بعض الصحابة إلى أنها أكبرها بعد الشرك وذهب جمع من المجتهدين وتبعه المؤلف إلى أن شاربها يقتل في الرابعة وزعموا صحة الحديث بذلك من غير معارض
(هـ عن أبي الدرداء)
9804 - (لا تشغلوا قلوبكم بذكر الدنيا) لأن الله يغار على قلب عبده أن يشتغل بغيره وإذا أراد بعبد خيرا سلط عليه أنواع العذاب حتى ينزع حبها من قلبه
(هب عن محمد بن النضر الحارثي مرسلا)
9805 - (لا تشغلوا قلوبكم بسبب الملوك) وإن جاروا لأن منصبه يصان عن السب والامتهان (ولكن تقربوا إلى الله تعالى بالدعاء لهم) بالهداية والتوفيق فإنكم إن فعلتم ذلك (يعطف الله قلوبهم عليكم) فاستقيموا يستقيموا وكما تكونوا يول عليكم وكما تدين تدان والجزاء من جنس العمل
(ابن النجار) في تاريخه (عن عائشة)
9806 - (لا تشمن ولا تستوشمن) أي لا تفعلن الوشم ولا تطلبن من غيركن أن يفعلن بكن ذلك لما فيه من التعذيب وتغيير خلق الله وذلك حرام شديد التحريم بل ادعى بعضهم أنه مجمع عليه
(خ ن عن أبي هريرة)
9807 - (لا تشم الطعام كما تشمه السباع) في رواية كره أن يشم الطعام كما تشمه السباع
(طب عن أم سلمة) قال البيهقي عقب تخريجه: إسناده ضعيف اه. فحذف المصنف ذلك من كلامه غير صواب وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: فيه عباد بن كثير الثقفي وكان كذابا متعمدا هكذا جزم به
9808 - (لا تصاحب إلا مؤمنا) وكامل الإيمان أولى لأن الطباع سراقة ومن ثم قيل صحبة الأخيار تورث الخير وصحبة -[405]- الأشرار تورث الشر كالريح إذا مرت على النتن حملت نتنا وإذا مرت على الطيب حملت طيبا وقال الشافعي: ليس أحد إلا له محب ومبغض فإذن لا بد من ذلك فليكن المرجع إلى أهل طاعة الله ومن ثم قيل:
ولا يصحب الإنسان إلا نظيره. . . وإن لم يكونوا من قبيل ولا بلد
وصحبة من لا يخاف الله لا يؤمن غائلتها لتغيره بتغير الأعراض قال تعالى {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} والطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري قال حجة الإسلام: والإخوان ثلاثة: أخ لآخرتك فلا نزاع فيه إلا الدين وأخ لدنياك فلا نزاع فيه إلا الخلق وأخ لتسأنس به فلا نزاع فيه إلا السلامة من شره وخبثه وفتنته. قال في الحكم: لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله. قال القصار: اصحب الصوفية فإن للقبيح عندهم وجوها من المعاذير وقال التستري: احذر صحبة ثلاثة: الجبابرة الغافلين والقراء المداهنين والصوفية الجاهلين أي الذين قنعوا بظاهر النسبة وتحلوا للناس بالزهد والتعبد وهؤلاء على العوام فتنة وبلاء. قال علي كرم الله وجهه: قطع ظهري رجلان: عالم متهتك وجاهل متنسك فالعالم يغر الناس بتهتكه والجاهل يفتنهم بتنسكه فعليك بامتحان من أردت صحبته لا لكشف عورة بل لمعرفة الحق (ولا يأكل طعامك إلا تقي) لأن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة بل هي أوثق عرى المداخلة ومخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أطعم المشركين وأعطى المؤلفة المئين بل يطعمه ولا يخالطه والحاصل أن مقصود الحديث كما أشار إليه الطيبي النهي عن كسب الحرام وتعاطي ما ينفر منه المتقي فالمعنى لا تصاحب إلا مطيعا ولا تخالل إلا تقيا
(غريبة) قال ابن عربي: اجتمع جمع من المشايخ بدعوة بزقاق بمصر فقدم الطعام واحتاجوا آنية وثم إناء زجاج جديد أعد للبول ولم يستعمل فغرف فيه فنطق منذ أكرمني الله بأكل هؤلاء السادة لا أكون وعاء للأذى ثم انكسر نصفين فقال ابن عربي: سمعتم ما قال؟ قالوا لا. قال: قال كذا وقال غير هذا أيضا. قال وكذا كم قلوبكم أكرمها الله بالإيمان فلا ترضوا أن تكون محلا لنجاسة المعصية وحب الدنيا
(حم د ت حب عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال في الرياض بعد عزوه لأبي داود والترمذي: إسناده لا بأس به

الصفحة 404