كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

9809 - (لا تصحب الملائكة) وفي رواية لا تقرب وفي أخرى لا تتبع وهو يبين أن المراد بنفي الصحبة نفي مجرد اللقاء لا في الملازمة والمراد ملائكة الرحمة والاستغفار لا الحفظة ونحوهم (رفقة) بضمن الراء وكسرها جماعة مترافقة في سفر (فيها كلب) ولو لحراسة الأمتعة سفرا كما اقتضاه ظاهر الخبر قال القرطبي وهو قول أصحاب مالك قال: لكن الظاهر أن المراد غير المأذون في اتخاذه لأن المسافر يحتاجه (ولا جرس) بفتح الراء الجلجل وبسكونها صوته وذلك لأنه من مزامير الشيطان والملائكة ضده ولأنه يشبه الناقوس فيكره تنزيها عند الشافعية جرس الدواب وقال ابن العربي المالكي: لا يجوز بحال لأنها أصوات الباطل وشعار الكفار اه. وزعم أن ذلك شعار الكفار ممنوع ومما فيه من المضار أنه يدل على أصحابه بصوته وكأنه عليه السلام يحب أن لا يعلم العدو به حتى يأتيهم فجأة وعطف ولا جرس على فيها كلب وإن كان مثبتا لأنه في سياق النفي وذكر الرفقة في الحديث غالبي فلو سافر وحده كره له صحبة الجرس والكلب لوجود المعنى ولا يختص الحكم بجرس الإبل والخيل والبغال والحمر كذلك بل وعنق الرجل كما ذكره الزين العراقي
(حم م د ت) في الجهاد (عن أبي هريرة)
9810 - (لا تصحبن أحدا لا يرى لك من الفضل كمثل ما ترى له) كجاهل قدمه المال وبذل الرشوة في فضائل دينية لحاكم -[406]- ظالم منعها أهلها وأعطاه مكافأة لرشوته فتصدر وترأس وتنكب عن أن يرى لأحد مثل ما يرى له وتشبه بالظلمة في تبسطهم وملابسهم ومراكبهم. قال بعضهم: وكان يشير إلى تجنب صحبة المتكبرين المتعاظمين في دين أو دنيا سواء كان فوقه أو دونه لأنه إن كان فوقه لم يعرف له حق متابعته وخدمته بل يراه حقا عليه وأنه شرف بصحبته فإن صحبته في طلب الدين قطعك بكثرة اشتغاله عن الله وإن صحبته للدنيا من عليك برزق الله وإن كان دونك لم يعرف لك حرمة بل يرى له حقا بصحبته لك فإن صحبته في الدين كدره عليك بسوء معاشرته أو للدنيا لم تأمن من أذيته وخيانته وفي المجالسة للدينوري عن الأصمعي ماتاه على أحد قط مرتين قيل وكيف؟ قال: لأنه إذا تاه على مرة لم أعدله وقيل:
إذا تاه الصديق عليك كبرا. . . فته كبرا على ذلك الصديق
وقال بعض البلغاء: أخبث الناس المساوي بين المحاسن والمساوي. قال الغزالي: وأوصى علقمة العطاردي ابنه عند وفاته فقال: إذا أردت صحبة إنسان فاصحب من إذا مددت يدك بالخير مدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن رأى سيئة سدها ومن إذا قلت صدق قولك وإن حاولت أمرا أمدك وإن تنازعتما في شيء آثرك قال علي رضي الله عنه:
إن أخاك الحق من كان معك. . . ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك. . . شتت فيه شمله ليجمعك
ومن كلامهم البديع:
محك المودة والإخاء. . . حالة الشدة دون الرخاء
ومن ثم قيل:
دعوى الإخاء على الرخاء كثيرة. . . وفي الشدائد تعرف الإخوان
(حل عن سهل بن سعد) وفيه عبد الله بن محمد بن جعفر القزوبني قال الذهبي: قال ابن يونس: وضع أحاديث فافتضح بها

الصفحة 405