كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

9908 - (لا عدوى ولا طيرة) بكسر ففتح من التطير التشاؤم بالطيور (ولا هامة ولا صفر ولا غول) هو بالفتح مصدر معناه البعد والهلاك وبالضم الاسم وهو من السعالى وجمعه أغوال وغيلان كانوا يزعمون أن الغيلان في الفلاة وهر من جنس الشياطين تتراءى للناس وتتغول أي تتلون فتضلهم عن الطريق فتهلكهم فأبطل ذلك وقيل إنما أبطل ما زعموه من تلونه لا وجوده ومعنى لا غول أي لا يستطيع أحد إضلال أحد قال القاضي: والمراد بقوله لا عدوى إلخ أن مصاحبة المعلول ومؤاكلته لا توجب حصول تلك العلة ولا تؤثر فيها لتخلفه عن ذلك طردا وعكسا لكنها تكون من الأسباب المقدرة التي تعلقت المشيئة بترتب العلة عليها بالنسبة إلى بعض الأبدان إحداث الله تعالى فعلى العاقل التحرز عنها ما أمكن بتحرزه عن الأطعمة الضارة والأشياء المخوفة والطيرة التفاؤل بالطير وكانوا يتفاءلون بأسمائها وأصواتها والهامة الصداء وهو طائر كبير يضعف بصره بالنهار ويطير بالليل ويصوت فيه ويقال له يوم والناس يتشاءمون بصوته ومن زعمات العرب أن روح القتيل الذي لا يدرك ثاره تصير هامة فتبدوا وتقول اسقوني فإذا أدرك ثأره طارت وقوله لا غول يحتمل أن المراد به نفيه رأسا وأن المراد نفيه على الوجه الذي يزعمونه فإنهم يقولون هو ضرب من الجن يتشخصون لمن يمشي وحده في ملاة أو في الليلة الليلاء ويمشي قدامه فيظن الماشي خلفه أنه إنسان فيتبعه فيوقعه في الهلاك اه. وقال الطيبي: لا التي لنفي الجنس دخلت على المذكورات ونفت ذواتها وهي غير منفية فيوجه النفي إلى أوصافها وأحوالها التي هي مخالفة الشرع فإن العدوى وصفر والهامة موجودة والمنفي هو ما زعمت الجاهلية لا إثباتها فإن نفي الذات لإرادة نفي الصفات أبلغ في باب الكناية
(حم م عن جابر) بن عبد الله
9909 - (لا عقر في الإسلام) قال ابن الأثير: هذا نفي للعادة الجاهلية وتحذير منها كانوا في الجاهلية يعقرون الإبل أي ينحرونها على قبور الموتى ويقولون صاحب القبر كان يعقرها للأضياف في حياته فيكافأ بصنيعه بعد موته. قال المجد ابن تيمية: وكره الإمام أحمد أكل لحمه قال: قال أصحابنا وفي معناه ما يفعله كثير من التصدق عند القبر بنحو خبز اه وأصل العقر ضرب قوائم البعير والشاة بالسيف وهو قائم
(د عن أنس) بن مالك سنده رمز المصنف لحسنه
9910 - (لا عقل كالتدبير) قال الطيبي: أراد بالتدبير العقل المطبوع وقال القيصري: هو خاطر الروح العقلي وهو خاطر التدبير لأمر المملكة الإنسانية فالنظر في جميع الخواطر الواردة عليه من جميع الجهات ومنه تؤخذ الفهوم والعلوم -[435]- الربانية وهذا الشخص هو الملك وإليه يرجع أمور المملكة كلها فيختار ما أمره الشرع أن يختار ويترك ما أمره الشرع أن يتركه ويستحسن ما أمره الشرع أن يستحسنه ويستقبح ما أمره أن يستقبحه وصفة خاطر هذا الملك التثبت والنظر في جميع ما يرد عليه من الخواطر فينفذ منها ما يجب تنفيذه ويرد ما يجب رده وخواطر هذا الجوهر الشريف وإن كثرت ترجع إلى ثلاثة أنواع الأمر بالتنزه عن دني الأخلاق والأعمال والأحوال ظاهرا وباطنا والأمر بالاتصاف بمحاسن الأخلاق والأعمال والأحوال وأعاليها كذلك والأمر بإعطاء جميع أهل مملكته حقوقهم وتنفيذ الأحكام الشرعية فيهم (ولا ورع كالكف) الورع في الأصل الكف ويقال ورع الرجل يرع بالكسر فيهما فهو ورع ثم استعير للكف عن المحارم فإن قيل فعليه الورع هو الكف فكيف يقال الورع كالكف قلنا الكف إذا أطلق فهم منه كف الأذى أو كف اللسان كما في خبر خذ عليك هذا وأخذ بلسانه فكأنه قيل لا ورع كالصمت أو كالكف عن أذى الناس (ولا حسب كحسن الخلق) أي لا مكارم مكتسبة كحسن الخلق مع الخلق فالأول عام والثاني خاص وأخرج في الشعب عن علي كرم الله وجهه التوفيق خير قائد وحسن الخلق خير قرين والعقل خير صاحب والأدب خير ميراث ولا وحشة أشد من العجب قالوا وذا من جوامع الكلم
(هـ) وكذا ابن حبان والبيهقي في الشعب (عن أبي ذر) وفيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني قال أبو حاتم: غير ثقة ونقل ابن الجوزي عن أبي زرعة أنه كذاب وأورده في الميزان في ترجمة صخر بن محمد المنقري من حديثه وقال: قال ابن طاهر: كذاب وقال ابن عدي: حدث عن الثقات بالبواطيل فمنها هذا الخبر

الصفحة 434