كتاب فيض القدير (اسم الجزء: 6)

9937 - (لا يأتي عليكم عام ولا يوم إلا والذي بعده شر) بحذف الألف عند الجمهور ولأبي ذر بإثباتها بوزن أفعل وعليها شرح ابن التين وقال في الصحاح: لا يقال أشر إلا في لغة رديئة (منه) فيما يتعلق بالدين أو غالبا وحمله الحسن على التعميم فأورد عليه ابن عبد العزيز بعد الحجاج فقال: لا بد للناس من تنفيس أي أن الله ينفس عن عباده وقتا ما ويكشف البلاء عنهم حينا ما وأجاب غيره بأن المراد بالتفضيل مجموع العصر على مجموع العصر فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحب أحياءا وفي زمن عمر انقرضوا وزمن الصحب خير مما بعده لخبر خير القرون قرني (حتى تلقوا ربكم) أي حتى تموتوا وهذا علم من أعلام نبوته لإخباره به وقد وقع واستشكل أيضا بزمان عيسى فإنه بعد الدجال وأجيب بأن المراد الزمان الذي بعد عيسى أو جنس الزمان الذي فيه الأمر وأن المراد بالأزمنة ما قبل وجود العلامات العظام كالدجال وما بعده ويكون المراد بالأزمنة المتفاضلة في الشر في زمن الحجاج فما بعده إلى الدجال وأما زمن عيسى فله حكم مستأنف وبأن المراد بالأزمنة أزمنة الصحابة بناء على أنهم المخاطبون به فيختص بهم فأما من بعدهم فلم يقصدوا بالخير لكن الصحابي فهم التعميم
(حم خ ن) في الفتن من حديث الزبير بن عدي (عن أنس) قال الزبير: أتينا أنسا فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال: اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلخ سمعته من نبيكم عليه الصلاة والسلام ورواه عنه أيضا الترمذي
9938 - (لا يؤذن إلا متوضئ) فيكره تنزيها للمحدث ولو أصغر أن يؤذن غير متطهر وأخذ بظاهره الأوزاعي فأوجب الوضوء للأذان قال: لأن للأذان شبها بالصلاة في تعلق أجزائها بالوقت واشتراكهما في طلب استقبال القبلة
(ت) من حديث الزهري (عن أبي هريرة) قال ابن حجر: وهو منقطع والراوي له عن الزهري ضعيف
9939 - (لا يؤمن أحدكم) لفظ رواية ابن ماجه أحد أي إيمانا كاملا ونفي اسم الشيء بمعنى الكمال عنه مستفيض في كلامهم وخصوا بالخطاب لأنهم الموجودون إذ ذاك والحكم عام (حتى أكون أحب إليه) غاية لنفي كمال الإيمان ومن كمل إيمانه علم أن حقيقة الإيمان لا تتم إلا بترجيح حبه على حب كل (من ولده ووالده) أي أصله وفرعه وإن علا أو نزل والمراد من له ولادة وقدم الولد على الوالد لمزيد الشفقة وفي رواية للبخاري تقديم الوالد ووجهه أن كل أحد له والد ولا عكس وذكر الولد والوالد أدخل في المعنى لأنهما أعز على العاقل من الأهل والمال بل عند البعض من نفسه ولذلك لم يذكر النفس وشمل لفظ الوالد الأم إن أريد من له ولادة أو ذات ولد ويحتمل أنه اكتفى بذكر أحدهما كما يكتفى من أحد الضدين بالآخر وعطف عليه من عطف العام على الخاص قوله (والناس أجمعين) حبا اختياريا إيثارا له عليه الصلاة والسلام على ما يقتضي العقل رجحانه من حبه احتراما وإكراما وإجلالا وإن كان حب غيره لنفسه وولده مركوزا في غريزته فسقط استشكاله بأن المحبة أمر طبيعي غريزي لا يدخل الاختيار فكيف تكلف به إذ المراد حب الاختيار المستند إلى الإيمان كما تقرر فمعناه لا يؤمن أحدكم حتى يؤثر رضاي على هوى والديه وأولاده قال الكرماني: ومحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إرادة طاعته وترك مخالفته وهو من واجبات الإسلام والحديث من جوامع الكلم لأنه جمع فيه أصناف المحبة الثلاث محبة الإجلال -[442]- وهي محبة الأصل ومحبة الشفقة وهي محبة الوالد ومحبة المجانسة وهي محبة الناس أجمعين وشاهد صدق ذلك بذل النفس في رضا المحبوب وإيثاره على كل مصحوب قال الإمام النووي: وفي الحديث تلميح إلى قضية النفس الأمارة والمطمئنة فمن رجح جانب المطمئنة كان حبه لنبيه راجحا ومن رجح الأمارة كان بالعكس
<تنبيه> قال الكرماني: أحب أفعل تفضيل بمعنى مفعول وهو مع كثرته على خلاف القياس إذ القياس أن يكون بمعنى فاعل وفصل بينه وبين معموله بقوله إليه لأن الممتنع الفصل بأجنبي مع أن الظرف يتوسع فيه
(حم ق ن) في الإيمان (هـ) في السنة (عن أنس) بن مالك ورجاله ثقات

الصفحة 441