كتاب الفقيه والمتفقه - الخطيب البغدادي (اسم الجزء: 1)
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] , وَقَالَ: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: ٣٦] , وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] , فَلَا يَجُوزُ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ اللَّهُ بِكَمَالِ دِينِهِ أَنْ يَكُونَ نَاقِصًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ مَا لَا يُوقَفُ عَلَى حُكْمِهِ , وَالْوُقُوفُ عَلَى الْحُكْمِ بِالِاسْمِ أَوْ بِالِاسْتِخْرَاجِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا , فَإِذَا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِي الْكِتَابِ بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ بِاسْمِهِ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ بَيَانَهُ بِبَيَانِ مَعْنَاهُ , وَقَوْلُهُ: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] أَرَادَ بِهِ الْأَوَامِرَ وَالنَّوَاهِيَ , وَالْحَظْرَ وَالْإِبَاحَةَ , وَمَا كَانَ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ مِمَّا بِالْأُمَّةِ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ لَا أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ , إِذْ كَانَ بَيَانُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الِاسْمِ مُتَعَذِّرًا فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ التَّشْبِيهِ , وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]
أنا ابْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , أنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ , أَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ , حَدَّثَهُمْ قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا , عَنْ لَيْثٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} [النساء: ٥٩] قَالَ: «إِلَى كِتَابِ اللَّهِ» {وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] قَالَ: «إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» , ثُمَّ قَرَأَ {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣] "
الصفحة 468