كتاب الفقيه والمتفقه - الخطيب البغدادي (اسم الجزء: 2)

فَصْلٌ السُّكُوتُ عَنِ الْجَوَابِ لِلْعَجْزِ مِنْ أَقْسَامِ الِانْقِطَاعِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: ٢٥٨] وَأَقْسَامُ الِانْقِطَاعِ مِنْ وُجُوهٍ: هَذَا أَحَدُهَا، وَالثَّانِي: أَنْ يُعَلِّلَ وَلَا يُجْدِي، وَالثَّالِثُ: أَنْ يَنْقُضَ بِبَعْضِ كَلَامِهِ بَعْضًا، وَالرَّابِعُ: أَنْ يُؤَدِّيَ كَلَامُهُ إِلَى الْمُحَالِ، وَالْخَامِسُ: أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ دَلِيلٍ إِلَى دَلِيلٍ، وَالسَّادِسُ: أَنْ يُسْأَلَ عَنِ الشَّيْءِ فَيُجِيبُ عَنْ غَيْرِهِ، وَالسَّابِعُ: أَنْ يَجْحَدَ الضَّرُورَاتِ , وَيَدْفَعَ الْمُشَاهَدَاتِ , وَيَسْتَعْمِلَ الْمُكَابَرَةَ وَالْبُهْتَ فِي الْمُنَاظَرَةِ
أنا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ , نا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي صَدَقَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ: قَالَ لِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ , قَالَ الْمَأْمُونُ: «غَلَبَةُ الْحُجَّةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ غَلَبَةِ الْقُدْرَةِ , لِأَنَّ غَلَبَةَ الْقُدْرَةِ تَزُولُ ⦗١١٢⦘ بِزَوَالِهَا , وَغَلَبَةَ الْحُجَّةِ لَا يُزِيلُهَا شَيْءٌ» قُلْتُ: فَيَنْبَغِي لِمَنْ لَزِمَتْهُ الْحُجَّةُ , وَوَضَحَتْ لَهُ الدَّلَالَةُ , أَنْ يَنْقَادَ لَهَا , وَيَصِيرَ إِلَى مُوجِبَاتِهَا , لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النَّظَرِ وَالْجَدَلِ طَلَبُ الْحَقِّ , وَإِتِّبَاعُ تَكَالِيفِ الشَّرْعِ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}

الصفحة 111