كتاب الفقيه والمتفقه - الخطيب البغدادي (اسم الجزء: 2)

فَلَمْ يَمْنَعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ , وَلَا أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ , بَلْ أَجَابَهُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَفِي الْآثَارِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا تَحْرِيجُ عُمَرَ فِي السُّؤَالِ عَمَّا لَمْ يَكُنْ , وَلَعْنُهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِهِ السُّؤَالُ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ وَالْمُغَالَطَةِ , لَا عَلَى سَبِيلِ التَّفَقُّهِ وَابْتِغَاءِ الْفَائِدَةِ , وَلِهَذَا ضَرَبَ صَبِيغَ بْنَ عَسَلٍ ونَفَاهُ , وَحَرَمَهُ رِزْقَهُ وَعَطَاءَهُ , لَمَّا سَأَلَ عَنْ حُرُوفٍ مِنْ مُشْكِلِ الْقُرْآنِ , فَخَشِيَ عُمَرُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِمَسْأَلَتِهِ ضُعَفَاءَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْعِلْمِ , لِيُوقِعَ فِي قُلُوبِهِمُ التَّشْكِيكَ وَالتَّضْلِيلَ بِتَحْرِيفِ الْقُرْآنِ عَنْ نَهْجِ التَّنْزِيلِ , وَصَرْفِهِ عَنْ صَوَابِ الْقَوْلِ فِيهِ إِلَى فَاسِدِ التَّأْوِيلِ , وَمَثَلَ هَذَا قَدْ وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْهُ وَالذَّمُ لِفَاعِلِهِ

الصفحة 19