كتاب الفقيه والمتفقه - الخطيب البغدادي (اسم الجزء: 2)

بِجَهْلِهِ , وَالثَّانِي: ذَاتُ وُجُوهٍ وَشُعَبٍ، فَمَنْ أَنْكَرَ بَيِّنَةَ الْحِسِّ , أَنْكَرَ نَفْسَهُ , وَمَنْ أَنْكَرَ الْعَقْلَ أَنْكَرَ صَانِعَهُ , وَمَنْ أَنْكَرَ عُمُومَ الْقُرْآنِ أَنْكَرَ حِكْمَتَهُ , وَمَنْ أَنْكَرَ خَبَرَ الْآحَادِ أَنْكَرَ الشَّرِيعَةَ , وَمَنْ أَنْكَرَ إِجْمَاعَ الْأُمَّةِ أَنْكَرَ نَبِيَّهُ , وَمَنْ أَنْكَرَ اللُّغَةَ أُسْقِطَتْ مُحَاوَرَتُهُ , لِأَنَّ اللُّغَاتِ لِلْمُسَمَيَّاتِ سِمَاتٌ , وَمَنْ أَنْكَرَ الْعَبْرَةَ أَنْكَرَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ " قُلْتُ: أَمَا الْحِسُّ: فَيُدْرَكُ بِهِ الْعِلْمُ الْوَاقِعُ عَنِ الْحَوَاسِ , وَهُوَ عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ غَيْرُ مُكْتَسِبٍ , لِأَنَّ دُخُولَ الشَّكِّ عَلَيْهِ غَيْرُ جَائِزٍ , وَأَمَّا الْعَقْلُ: فَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ , وَقِيلَ: إِنَّهُ نُورٌ وَبَصِيرَةٌ , مَنْزِلَتُهُ مِنَ الْقُلُوبِ مَنْزِلَةُ الْبَصَرِ مِنَ الْعُيُونِ , وَقِيلَ: هُوَ قُوَّةٌ يُفْصَلُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ , وَقِيلَ: هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يَمْتَنِعُ بِهِ مِنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ , وَقِيلَ: هُوَ مَا حَسُنَ مَعَهُ التَّكْلِيفُ , وَالْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْعِبَارَاتِ كُلِّهِ مُتَقَارِبٌ
أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقَوَيْهِ , أنا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخُلْدِيُّ وأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الصَّيَّادُ , وأَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ , قَالَا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ⦗٣٨⦘ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ الْجَوْهَرِيُّ وأنا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَالِكٍ الْإِسْكَافِيُّ قَالُوا: أنا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ التَّمِيمِيُّ , نا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ , حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ لُوطٍ الْأَنْصَارِيٍّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ , قَالَ: كَثُرَتِ الْمَسَائِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ , فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ لِكُلِّ سَبِيلٍ مَطِيَّةً وَثِيقَةً , وَمَحَجَّةً وَاضِحَةً , وَأَوْثَقُ النَّاسِ مَطِيَّةً , وَأَحْسَنُهُمْ دَلَالَةً وَمَعْرِفَةً بِالْحُجَّةِ الْوَاضِحَةِ , أَفْضَلُهُمْ عَقْلًا»

الصفحة 37