كتاب الفقيه والمتفقه - الخطيب البغدادي (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ أَيْضًا: «لَا يُمْكِنُ أَنْ لَا تَغْضَبَ , لَكِنْ لَا يَنْتَهِي غَضَبُكَ إِلَى الْإِثْمِ , وَاعْفُ إِذَا لَمْ يَكُنْ تَرْكُ الِانْتِقَامِ عَجْزًا» وَلْيُعَوِّدْ لِسَانَهُ مِنَ الْكَلَامِ أَحْسَنَهُ , وَمِنَ الْخِطَابِ أَلْيَنَهُ فَقَدْ:
أنا ابْنُ بِشْرَانِ , أنا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ , نا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا , نا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ , نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ , عَنْ أَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ , عَنْ أَبِي عَوْنٍ الْأَنْصَارِيِّ , قَالَ: «مَا تَكَلَّمَ النَّاسُ بِكَلِمَةٍ صَعْبَةٍ إِلَّا وَإِلَى جَانِبِهَا كَلِمَةً أَلْيَنَ مِنْهَا تَجْرِي مَجْرَاهَا»
وأنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ , نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنِ الْقَحْذَمِيِّ , قَالَ: قِيلَ لِخَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ: مَا أَبَرُّ كَلَامِكَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ يَقُومُ عَلَيَّ بِرُخْصٍ» , قَالَ: وَنَادَى غُلَامُهُ , فَقِيلَ: إِنَّهُ مَشْغُولٌ , فَقَالَ: «شَغَلَهُ اللَّهُ بِخَيْرٍ» , ثُمَّ نَادَى جَارِيَتَهُ , فَقِيلَ: إِنَّهَا نَائِمَةٌ , فَقَالَ: «أَنَامَ اللَّهُ عَيْنَهَا» , فَضَحِكَتْ , فَقَالَ ⦗٧١⦘: «مِمَّ تَضْحَكُ , أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ» وَلْيَعْمَدْ إِلَى الْمَقْصُودِ مِنْ كَلَامِ خَصْمِهِ , وَلَا يَتَعَلَّقْ بِمَا يَجْرِي فِي عِرْضِهِ مِمَّا لَا يَعْتَمِدُهُ , فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى الْمَقْصُودِ وَالظُّهُورِ عَلَى الْخَصْمِ بِإِبْطَالِ مَا قَصَدَهُ , وَعَوَّلَ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ , وَلَا يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا لَمْ يَقَعْ لَهُ عِلْمُهُ مِنْ كَلَامِهِ , فَإِنَّ الْجَوَابَ لَا يَصِحُّ عَمَّا لَمْ يَفْهَمْهُ , وَلَمْ يَتَصَوِّرْ مُرَادَ خَصْمِهِ مِنْهُ

الصفحة 70