كتاب الفقيه والمتفقه - الخطيب البغدادي (اسم الجزء: 2)

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ عَدَمِ الْعَدَالَةِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّاوِي لَيْسَ بِثِقَةٍ , فَهُوَ أَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُفَسَّرَ فَرُبَّمَا لَمْ يَكُنْ إِذَا فُسِّرَ يُوجِبُ إِسْقَاطَ الْعَدَالَةِ وَالْجَوَابُ عَمَّنْ قَالَ: رَاوِي خَبَرِكَ مَجْهُولٌ , هُوَ أَنَّ مَنْ رَوَى عَنْهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ خَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ أَحَدِ الْجَهَالَةِ عَلَى شَرْطِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ , فَيَبِينُ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ وَالْجَوَابُ عَمَّنْ قَالَ الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ: أَنْ يَبِينَ اتِّصَالُهُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ , وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ وَهُوَ عَلَى الْمَتْنِ فَمِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَتْنُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ , وَالسُّؤَالٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ , فَيَدَّعِي الْمُخَالِفُ قِصَرَهُ عَلَى السُّؤَالِ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِجَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ سُؤَالِ السَّائِلِ , وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي مَوْضِعِهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ وَيَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى السُّؤَالِ , وَيَكُونُ السُّؤَالُ عَنْ فِعْلٍ خَاصٍّ يَحْتَمِلُ مَوْضِعَ الْخِلَافَ وَغَيْرَهُ , فَيُلْزِمُ السَّائِلُ الْمَسْئُولَ التَّوَقُّفَ فِيهِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ
مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَحْتَجَّ شَافِعِيٌّ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى قَاتِلِ الْعَمْدِ بِمَا: أنا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقُرَشِيُّ , أنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ , نا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ , نا أَبُو ⦗٨٦⦘ مُسْهِرٍ , نا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ , قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ , قَالَ: حَدَّثَنِي الْغَرِيفُ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ , عَنْ واثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ , قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةِ تَبُوكَ , فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ , فَقَالَ: «أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً , يَفُكُّ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ» وأنا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْهَاشِمِيُّ , نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ , نا ضَمْرَةُ , عَنِ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ , عَنِ الْغَرِيفِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ , قَالَ: أَتَيْنَا واثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ , قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَاحِبٍ لَنَا أَوْجَبَ يَعْنِي: النَّارَ بِالْقَتْلِ فَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ فَيَقُولُ الْمُخَالِفُ يَحْتَمِلُ هَذَا الْقَتْلَ بِالْمِثْقَلِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ فِيهِ حَتَّى يَرِدَ الْبَيَانُ، وَيَكُونُ الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْجَوَابَ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ الْمُوجِبُ لِلنَّارِ مُوجِبًا لِلرَّقَبَةِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ

الصفحة 85