كتاب الفقيه والمتفقه - الخطيب البغدادي (اسم الجزء: 2)

وَمِنْ ذَلِكَ: الْحَدِيثُ الَّذِي أناه الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الشَّافِعِيُّ , نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ , نا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ , نا أَبُو حُذَيْفَةَ , أنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ , الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» إِذَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَلَى إِيتَارِ الْإِقَامَةِ , فَقَالَ الْمُخَالِفُ: لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْآمِرِ مَنْ هُوَ؟ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِهِ بَعْضُ أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةِ فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ بِتَغْيِيرِ إِقَامَةٍ فَعَلَهَا بِلَالٌ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانًا طَوِيلًا , وَبَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وُعُمَرَ , عَلَى أَنَّ بِلَالًا لَمْ يَعِشْ إِلَى وِلَايَةِ بَنِي أُمَيَّةَ , وَإِنَّمَا مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ , وَلَوْ أَمَرَ بِلَالًا آمِرٌ بِتَغْيِيرِ الْإِقَامَةِ لَمْ يَقْبَلْ أَمْرَهُ , وَلَوْ قَبِلَهُ بِلَالٌ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ , وَقَدْ:
أنا أَبُو بَكْرٍ الْبُرْقَانِيُّ , قَالَ: قَرَأْنَا عَلَى عُمَرَ بْنِ نُوحٍ الْبَجَلِيِّ , حَدَّثَكُمُ الْفِرْيَابِيُّ , نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَجَّاجٍ السَّامِيُّ , نا وُهَيْبٌ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ: " لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ذَكَرُوا شَيْئًا يَعْلَمُونَ بِهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ , فَقَالُوا: يُورُوا نَارًا أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا , قَالَ: فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ ⦗٨٨⦘ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ " أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ , وَذِكْرُ هَذَا السَّبَبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآمِرَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ , وَقَدْ رُوِيَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ:

الصفحة 87