كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

كـ (اجلس هنا)، ويسبقها هاء التنبيه (ههنا).
وربما جاءت في الزمان؛ كَقولِهِ تعالَى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ}، أَي: يوم الأحزاب.
{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ}؛ أَي: يوم القيامة.
ومنه قولُ الشَّاعرِ:
وَإَذَا الأُمُورُ تَشَابَهَتْ وَتَعَاظَمَتْ ... فَهُنَاكَ يَعْتَرِفُونَ أَينَ المَفْرَعُ (¬١)
وللبعيد عند الشيخ رحمه اللَّه: (هنالك)، أَو: (هناك).
والجمهور: (هناك) للمتوسط، و (هنالك) للبعيد كما علم.
* وِمن أسماء الإشارة: (ثَمَّ) للبعيد، قال اللَّه تعالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا}.
وهو ظرف، وغلط من أعربها مفعولا في هذه الآية.
وقرئ: (إِلينا مرجعُهم ثَمَّ اللَّهُ شَهيدٌ)؛ أَي: هنالك اللَّه شهيد.
* ومثلها: (هَنَّا) بفتح الهاء وكسرها وتشديد النون.
---------------
(¬١) النسبة والتخريج: قائله هو الأفوه الأودي، والأفوه لقب، واسمه صلاة بن عمرو بن مالك، وكان غليظ الشفتين ظاهر الأسنان، فلذلك قيل: الأفوه، وهو من الكامل.
ذكره الشاطبي في شرحه للألفية، والسيوطي في همع الهوامع ١/ ٧٨.
الشرح: تشابهت: اشتبه بعضها ببعض. تعاظمت بمعنى عظمت. المفزع: بالزاي المعجمة والعين المهملة أي الملجأ، وأصل الفزع: الخوف والذعر، وهذا مفزع القوم إذا فزعوا إليه فيما يدهمهم، والفزع الإغاثة.
الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه منصوب بجوابه، مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية. الأمور: فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده وهو تشابهت. تشابهت: فعل ماض مبني على الفتح، والتاء للتأنيث، والفاعل مستتر جوازًا تقديره هي. وتعاظمت: عطف على تشابهت. تعترفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل. أين: اسم استفهام خبر مقدم. المفزع: مبتدأ مؤخر.
وجملة (فهناك): جواب إذا لا محل لها. وجملة (تعترفون): في محل رفع خبر مبتدأ محذوف أي: أنتم تعترفون.
الشاهد: (فهناك) فإنه ههنا إشارة إلى الزمان، وأصل وضعه الإشارة إلى المكان.

الصفحة 218