كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

وجعل خبر (إن) محذوفًا والاستغناء عنهُ بخبر ما بعدها جائزٌ، ومنه قولُهُ:
خَلِيْلَيَّ هَلْ طِبٌّ فَإِني وَأَنْتُمَا ... وَإِنْ لَمْ تَبُوحَا بِالهَوى دَنِفانِ (¬١)
أي (فإني دنف وأنتما دنفان).
والدَّنَف بفتح الدّال والنّون: المرض الملازم.
وكذا قولُهُ:
وإِلَّا فاعْلَمُوا أنَّا وأَنْتُم ... بُغَاةٌ ما بَقيْنَا في شِقَاقِ (¬٢)
---------------
(¬١) التخريج: البيت بِلَا نسبة في تخليص الشّواهد ص ٣٧٤، وشرح التّصريح ١/ ٢٢٩، وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٦٦، ومغني اللّبيب ٢/ ٤٧٥، والمقاصد النّحوية ٢/ ٢٧٤.
اللغة: الطّب: العلاج. الدّنف: الذي ثقل عليه المرض. الهوى: العشق.
المعنى: يخاطب الشّاعر صديقيه بقوله: هل من دواء نعالج به ما نكابد من لواعج الهوى؛ فإِني وإِياكما -وإِن لم تبوحا به- كاد يضنينا هذا الهوى.
الإِعراب: خليلي: منادى منصوب، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محل جر بالإِضافة. هل: حرف استفهام. طب: مبتدأ مرفوع وخبره محذوف تقديره: طب موجود، أو هل لنا طب. فإِنني: الفاء حرف استئناف، إِني: حرف مشبه بالفعل، والياء ضمير متصل مبني في محل نصب اسم إِن، وخبره محذوف تقديره: إِني دنف. وأنتما: الواو حرف عطف، أنتما: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ. وإِن: الواو: حالية. إِن: وصلية زائدة. لم: حرف جزم. تبوحا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النّون، والألف ضمير متصل في محل رفع فاعل بالهوي: جار ومجرور متعلقان بتبوحا. دنفان: خبر المبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى.
وجملة (يا خليلي): ابتدائية لا محل لها من الإِعراب. وجملة (هل طب): استئنافية لا محل لها من الإِعراب. وجملة (إِني): استئنافية لا محل لها من الإِعراب. وجملة (أنتما): معطوفة على الجملة السّابقة. وجملة: (وإِن لم تبوحا) في محل نصب حال.
الشَّاهد: قوله: (فإِني وأنتما دنفان)؛ حيث يتعين أن يكون (أنتما) مبتدأ والخبر (دنفان)، ويكون خبر (إِن) محذوفًا؛ لدلالة خبر المبتدأ عليه. وأصل الكلام: (فإِني دنف، وأنتما دنفان).
(¬٢) التخريج: البيت من الوافر، وهو لبشر بن أبي خازم، وقد أنشده سيبويه ١/ ٢٩٠، واستشهد به ابن يعيش في شرح المفصل ص ١١٢٦ وأنشده رضي الدّين في شرح الكافية في باب الحروف المشبهة بالفعل، وشرحه البغدادي في الخزانة ٤/ ٣١٥، وابن النّاظم ص ٧١، ابن هشام ١/ ٢٥٨، والسّيوطي ص ٣٨.

الصفحة 526