كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

بنصب (ظبيةً) اسمًا لها، والخبر محذوف؛ أَي: (كَأنَّ ظبيةً تعطو إلى كذا) هذه المرأة فشبه الظّبية بالمرأة علَى عكس التّشبيه.
كَقَولِ الشَّاعرِ:
وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أرْجَاؤُهُ ... كَأنَّ لوْنَ أرضِهِ سَمَاؤُهُ (¬١)
---------------
المعنى: يقول: تأتينا الحبيبة يومًا بوجهها الجميل، وكأنها ظبية تمد عنقها إِلى شجر السّلم المورق.
الإِعراب: ويومًا: الواو: بحسب ما قبلها، أو استئنافية. يومًا: ظرف متعلق بتوافينا. توافينا: فعل مضارع مرفوع بالضّمة المقدرة على الياء للثقل، والفاعل: هي، ونا: في محل نصب مفعول به. بوجه: جار ومجرور متعلقان بتوافينا. مقسم: نعت وجه مجرور. كأن: حرف مشبه بالفعل مخفف، واسمه ضمير الشّأن المحذوف. ظبيةً: اسم كأنْ منصوب. ويجوز أن تعرب مبتدأ مرفوع وخبره جملة (تعطو) الفعلية: باعتبار (كأنْ) زائدة.
وتروى مجرورة والتّقدير كظبية. تعطو: فعل مضارع مرفوع بالضّمة المقدرة على الواو للثقل، والفاعل: هي. إِلى وارق: جار ومجرور متعلقان بتعطو، وهو مضاف. السّلمْ: مضاف إِليه مجرور، وسكن للضرورة.
وجملة (توافينا): في محل جر بالإِضافة. ويمكن اعتبارها استئنافية لا محل لها من الإِعراب. والتّقدير: وتوافينا يومًا. وجملة (كأن ظبية تعطو): في محل نصب حال، تقديره: وكأنها ظبية بحذف واو الحال. وجملة (تعطو): في محل رفع أو نصب أو جر نعت لظبية.
الشَّاهد: قوله: (كأن ظبيةً)؛ حيث روي بنصب ظبية، ورفعها، وجرها.
أما النّصب فعلى إِعمال كأن وهذا الإِعمال مع التّخفيف خاص بضرورة الشّعر.
وأما الرّفع فيحتمل أن تكون ظبية مبتدأ، وجملة تعطو خبره، وهذه الجملة الاسمية خبر كأن، واسمها ضمير شأن محذوف، ويحتمل أن تكون ظبية خبر كأن وتعطو صفتها، واسمها محذوف، وهو ضمير المرأة، لأن الخبر مفرد.
وأما الجر فعلى أنّ (أنْ) زائدة بين الجار والمجرور، والتّقدير: كظبية.
(¬١) التخريج: بيت من الرّجز لرؤبة بن العجاج، أو بيتان من مشطور الرّجز.
اللُّغة: المَهْمَه: المفازة البعيدة الَّتي يشق السّير فيها، والبلد القفر، قيل: سميت بذلك؛ لأن سالكها يقول لرفقتة: مَه مَه، أي: كف عن الكلام، مغبرة: كثر فيها الغبار، وهو التّراب، أرجاؤه: نواحيه، جمع رجا بالقصر وهي النّاحية.
المعنى: أن هذا المهمَهَ قد عمه الغبار وانتشر فيه، وارتفع غباره كأن لون سمائه من الغبار لون أرضه، فحذف المضاف وقلب التّشبيه للمبالغة.

الصفحة 552