كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

ولما استعرضت الكتاب .. وجدت وعورة في عبارته، وصعوبة في مسالكه، فأردت أن أذلل الصعب، وأسهّل الحزَن، وأخذت على عاتقي أن أجعل العمل فيه مميزًا، وجعلت كل علامات الترقيم، والاهتمام بالتفقير أستاذًا يتلو على الطالب ويشرَح، فجاءت كل علامة من علامات الرقيم مُؤذِنة بوصل أو وقف، شارحة للمقصود من العبارة، ولم يأتِ فقرةً واحدة تثقل على الطالب بزخومة الموضوع، وتُولِجُه في مَهْمَهٍ وعر المسالك، مُغبَرّ الأرجاء.
فجاءت علامات الترقيم كشاخصات المرور التي ترشدك في المجاهل التي لا تدري عنها، ودليلا للوصول لغايتك.
وسيرى معي القارئ في طيات الكتاب أهمية ذلك، وسيجد ذلك واضحًا جليًا، وسيجد من تلقاء نفسه كيف أن علامات الترقيم جاءت شارحة للعبارة، مرشدة إلى المقصود.
وفي الحقيقة نبعت أهمية علامات الترقيم عندي منذ كنت طالبًا في التسعينيات من القرن السابق، عندما كنا نقرأ في الكتب على الأشياخ، وللأسف ما كنت أجد علامات الترقيم في محلّها، وإنما كنت أراها بنظري كتوابل وضعها المحقق أو المؤلف هكذا، فجاءت منكّهةً للكتاب ... لا مكوّنًا أساسيًا من أجزائه.
وصرت أرى في الحقيقة أن العمل في التحقيق يقتصر على: علامات الترقيم المناسبة، والمقابلة الجيدة للمخطوط.
فالمحقق عندما يعطيني نصًا مقابلا مقابلة دقيقة، تُنمُّ عن فهمه للعبارة التي يقرؤها، موشّى بعلامات ترقيم مرشدة لي أثناء قراءتي للكتاب .. يكون حينها قد أنعم عليّ وزاد.
ولكن ما حاجتي بالتعليقات إذا كان النص غير مضبوط ولا مقابل مقابلة جيدة.
ثم بعد ذلك يضنيك في فهم العبارة عندما لا يضع علامات الترقيم المناسبة في مكانها الصحيح.
وحدثنا أشياخنا أن علامة ترقيم قديمًا فكت رجلا من حبل المشنقة، وتوضيح

الصفحة 8