كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

وبعضهم: أَن (اتخذ) يتعدى لواحد؛ مستدلًا بقوله تعالَى: {اتَّخَذَتْ بَيْتًا}.
وقالَ الشّاعرُ:
فرَدَّ شُعُوْرَهنَّ السُّودَ بِيضًا ... ورَدَّ وُجوهَهُنَّ البِيضَ سُودا (¬١)
---------------
البيت. غرازَ: مفعول به أول؛ وهو ممنوع من الصرف على إرادة البقعة؛ وهي مؤنثة. إثرهم: ظرف متعلق بتخذت ومضاف إليه. دليلا: مفعول به ثانٍ لتخذت. في الحجاز: متعلق بفروا؛ وفي هنا بمعنى إلى. ليعجزوني: اللام للتعليل، يعجزوني: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام كي، وعلامة نصبه حذف النون، والواو: فاعل، والنون: للوقاية، والياء: مفعول به؛ والمصدر المؤول من (أن) وما بعدها: في محل جر بلام التعليل؛ والجاو والمجرور: متعلق بفر؛ وتقدير الكلام: وفروا إلى الحجاز لإعجازهم إياي من اللحاق بهم.
الشاهد: قوله: (تخذَت غرازَ دليلا)؛ حيث جاء الفعل (تخذ) دالًّا على التصيير، ونصب مفعولين اثنين؛ الأول؛ غراز، والثاني: دليلًا، كما أوضحنا في الإعراب.
(¬١) رَمى الحَدَثانِ نِسوَةَ آلِ حَربٍ ... بِمِقدارٍ سَمَدنَ لَهُ سُمودا
التخريج: البيتان لعبد الله بن الزّبير في ملحق ديوانه ص ١٤٣ - ١٤٤، وتخليص الشّواهد ص ٤٤٣، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٩٤١، والمقاصد النّحوية ٢/ ٤١٧، ولأيمن بن خريم في ديوانه ص ١٢٦، ولفضالة بن شريك في عيون الأخبار ٣/ ٧٦، ومعجم الشّعراء ص ٣٠٩، وللكميت بن معروف في ذيل الأمالي ص ١١٥، وبلا نسبة في لسان العرب ٣/ ٢١٩ سمد البيت الأول فقط.
اللُّغة: الحدثان: مصائب الدّهر. سمدن: حزِنَّ. السّمود: الحزن.
المعنى: يقول: إِن الدّهر قد أنزل مصائبه بنساء بني حرب وجعلهن شديدات الحزن، فصيَّر شعورهن بِيضًا من الهم، وسوَّد وجوههن من شدة اللّطم.
الإِعراب: فرد: الفاء حرف عطف، رد: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. شعورهن: مفعول به أول، وهو مضاف، هن: ضمير متصل مبني في محل جر بالإِضافة. السّود: نعت شعور منصوب. بيضًا: مفعول به ثان منصوب. ورَدَّ: الواو حرف عطف، رد: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. وجوهَهُن: مفعول به منصوب، وهو مضاف، هن ضمير في محل جر بالإِضافة. البيضَ: نعت وجوه منصوب. سُودَا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة.
وَجُملَة: (فرد شعورهن): معطوفة على جملة رمى الحدثان؛ فهى مثلها لا محل لها من الإِعراب. وجملة (رد وجوههن): معطوفة على رد شعورهن.
الشَّاهد: قوله: (فرد شعورهن)، (ورد وجوههن)؛ حيث ورد الفعل (رد) بمعنى التّصيير أو التّحويل، فنصب مفعولين، أولهما في الجملة الأولى: شعورهن، وثانيهما بيضا. وفي الجملة الثّانية المفعول الأول هو: وجوههن، والمفعول الثّاني هو سودا.

الصفحة 13