كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

وقولِ الآخرِ:
................... ... فصُيَّرُوا مِثلَ كَعَصْفٍ مَأْكولْ (¬١)
وحكَى ابن الأعرابي: (وهبني الله فداك)؛ أَي: صيرني فداك.
ولَا يكون إِلَّا بصيغة الماضي.
وألحق الأخفش والفارسي بأفعال هذا الباب المتعدية إِلَى مفعولين (سمع) إِذا وليها اسم غير مسموع؛ كـ (سمعت زيدًا يقرأ).
فإِن وليها اسم مسموع .. اكتفت به؛ كـ (سمعت حديثًا، أَو كلامًا).
وما حكم به قبل النّاسخ .. يحكم به بعده؛ فكما يقدم الخبر فِي نحو: (فِي الدّار صاحبها) .. يقال: (ظننت فِي الدّار صاحبها) كذلك.
وكما لا يقدم الخبر فِي نحو: (زيد أخوك) .. يقال أيضًا: (ظننت زيدًا أخاك).
فإِن جاز التّقديم هناك .. جاز هنا.
---------------
(¬١) التخريج: هذا عجز بيت من السريع الموقوف بسكون لام مأكول، أو من مشطور الرجز. وصدره قوله: وَلَعِبَتْ طَيْرٌ بِهِم أَبَابِيلْ
وقبل الشاهد قوله:
ومسهم ما مس أصحاب الفيلْ ... ترميهمُ حجارة من سِجِّيلْ
وينسبهما بعض النحاة إلى حميد الأرقط. والشاهد من شواهد: التصريح: ١/ ٢٥٢، ٢/ ١٧٢، والأشموني: ٣٢٨/ ١/ ١٥٨، وهمع الهوامع: ١/ ١٥٠ والدرر اللوامع: ١/ ١٣٢، ومغني اللبيب: ٣٢٤/ ٢٣٨، والسيوطي: ١٧١ والكتاب لسيبويه: ١/ ٢٠٣، والمقتضب: ٤/ ١٤١، ٣٥٠، وخزانة الأدب: ٤/ ٢٧٠ والعيني: ٢/ ٤٠٢، وسيرة ابن هشام تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد: ١/ ٥٦، وملحقات ديوان رؤبة: ١٨١.
اللغة: أبابيل: جماعات وفرق، واحدة إبول؛ أو أبيل، وقيل: لا واحد له. كعصف، العصف: الزرع الذي أكل حبه، وبقي تبنه وورقه، وقيل: التبن.
المعنى: يصف الشاعر قومًا أبيدوا واستؤصلوا، فلم يبق لهم أثر يذكر؛ مشبهًا لهم بأصحاب الفيل؛ الذين شبههم الله في كتابه بالزرع الذي عبثت به جماعات الطيور؛ فأكلت حبه؛ ولم تترك منه غير ورقه الجاف.
الشاهد: قوله: (فصيروا مثل كعصف)؛ حيث استعمل الفعل (صيَّر) للتحويل فنصب الجزأين، الأول هنا: هو الواو الواقعة نائب فاعل، والثاني هو (عصف)؛ إذ الأصل (صيرهم عصفًا مأكولًا.

الصفحة 14