كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

فالّذي سهل وقوعه هنا غير مسبوق بنفي: كون ضميره الّذي فِي الفعل مسبوقًا بنفي؛ فكأنه وقع بعد النّفي؛ إِذ هو وضميره شيء واحد كما سبق.
ولَا يكون التّعليق فِي غير أفعال هذا الباب، فخرج نحو: (عرفت أيُّهم منطلق) فـ (أيهم): مبتدأ، و (منطلق): خبره، والجملة الاستفهامية: فِي محل نصب؛ لسدها مسد مفعول عرفت.
ومثله: (نظرت أيُّهم منطلق).
وقيل علَى إسقاط الحرف؛ لأنَّ نظر يتعدَّى بـ (إلى).
وأَجازَ بعضهم أَن يكونَ هذا تعليقًا، وقال به الزّمخشري فِي قوله تعالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} فِي سورة هود عليه السّلام.
وادعَى أَن (يبلو): فيه معنَى العِلم.
ومنع التّعليق فِي سورة الملك فِي قوله تعالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، فاضطرب كلامه. وقد علق فعل النّسيان حملًا علَى ضده وهو العلم؛ كَقَولِ الشَّاعرِ:
وَمَنْ أَنْتُمُ إِنَّا نِسِينَا مَنَ انْتُمُ ... ...................... (¬١)
فجملة (من أنتم؟): علق عنها العامل؛ لوجود الاستفهام.
ونقل الشّاعر فتحة الهمزة للنون، وهو جائز نثرًا ونظمًا.
وشرط بعضهم فِي التّعليق: أنه إِذا حذف المعلِّق .. تسلط العامل علَى لفظ ما بعد المعلِّق، فيجيز نحو: (علمت ما زيد قائم)، ويمنع نحو: (علمت ليقومنّ زيد).
والصّحيح: جواز ما منعه.
---------------
(¬١) التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: وَريحُكُم منْ أَيِّ رِيحِ الأَعَاصر
وقائله زياد الأعجم، ونسب في المحتسب لحطان بن عبد الله. وَهو في المحتسب (١/ ١٦٨)، والخصائص (٣/ ٨٩، ١٦٧)، والتّذييل (٢/ ١٠٢٤)، والعيني (٢/ ٤٢٠)، وشرح الحماسة للمرزوقي (٤/ ١٥٣٩)، وشرح التّبريزي (٤/ ١٠٧)، وشواهد النّحو في الحماسة (ص ٢٩٦)، وشرح الألفية لابن النّاظم (ص ٧٨).
الشاهد: قوله: (نسينا من أنتم)؛ حيث علق الفعل (نسي) بالاستفهام، والجملة من اسم الاستفهام وخبره: في محل نصب مفعوله.

الصفحة 27