كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

وعن الأخفش: أَن ذلك إِنما سد مسد مفعول واحد، والثّاني: محذوف؛ فـ (علمت أنَّك قائم) فِي تأويل: (علمت قيامك كائنًا أَو حاصلًا).
ولَا يجب أَن يكونَ الواقع بعد القول مقولا لذلك القول المذكور، بَلْ قَدْ يكون مقولًا لقول آخر.
وفي القرآن: {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} فقوله تعالى: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}: ليس من قول الملأ بَلْ هو قول فرعون، بدليل: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} فيكون حدُّ قول الملأ: {مِنْ أَرْضِكُمْ}.
وكذا أيضًا قولُ الشّاعرِ:
قَالَتْ لَهُ وَهُوَ بِعَيشٍ ضَنْكِ ... لَا تُكثِرِيْ لَومِيْ وَخَلِّي عَنْكِ (¬١)
فقوله: (لا تكثري لومَي) ليس مقولًا لها، وإِنما هو مقول لمحذوف، والتّقدير: (قالت لهُ وهو بعيش ضنك: أتذكر قولك لي: لا تكثري لومي وخلِّي عنك؟)، والمعنَى: أنه كَانَ يسرف فِي الإنفاق، فلامته علَى ذلك، فقال: (لا تكثري لومي، وخلِّي عنك)، فلما افتقر .. ندم على إسرافه فِي الزّمن الأول، فقالت لهُ: (لا تكثري لومي وخلي عنك علَى سبيل التهكُّم).
والله الموفق
* * *
---------------
(¬١) التخريج: الرجز بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢/ ٨٣٤؛ ومغني اللبيب ٢/ ٤١٥. المعجم المفصّل ١١/ ٢٧٤.
والشاهد في الشطر الثاني: حيث وقعت الجملة بعد القول غير محكية.

الصفحة 42