كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 2)

* وقسم للرجحان؛ كـ (زعم)، و (حجا)، و (هب)، و (عد) بالتّشديد -أَي: ظن- وكذا: (جعل) الّتي بمعنَى اعتقد كما قال الشّيخ.
ومنه فِي القرآن: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} احترازًا من الّتي بمعنَى (صير)؛ فإِنها من أفعال التّحويل، قال تعالَى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} وإِن سدّت سد المفعولين كما سيأتي ذكره.
وكَقَولِ الشَّاعرِ:
زعَمَتْنِي شَيْخًا وَلَسْتُ بِشَيْخٍ ... ................... (¬١)
وقولِهِ:
وَكُنْتُ أَحْجُو أَبَا عَمْرٍو أَخَا ثِقَةٍ ... ................... (¬٢)
---------------
(¬١) التخريج: صدر بيت من الخفيف، وعجزه: إِنَّمَا الشَّيْخُ مَنْ يَدِبُّ دَبِيبَا
وهو لأبي أمية أوس الحنفي في الدّرر ١/ ٢١٤ وشرح التّصريح ١/ ٢٤٨، وشرح شواهد المغني ص ٩٢٢، والمقاصد النّحوية ٢/ ٣٩٧، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٣٨، وتخليص الشّواهد ص ٤٢٨، وشرح قطر النّدى ص ١٧٢، ومغني اللّبيب ص ٥٩٤.
اللُّغة: زعمتني: ظنَّتني. يدبُّ دبيبا: يمشي بتثاقل وبطء.
المعنى: يقول: إِنها ظنتني شيخًا عاجزًا، ولست كذلك؛ لأن الشّيخ هو ذلك الضّعيف الذي يتثاقل في مشيته.
الإِعراب: زعمتني: فعل ماض، والتّاء: للتأنيت، والنّون: للوقاية، والياء: في محل نصب مفعول به أول، والفاعل: هي. شيخًا: مفعول به ثان. ولست: الواو: حالية، لست: فعل ماض ناقص، والتّاء: ضميرِ في محل رفع اسم ليس. بشيخ: الباء: حرف جر زائد: شيخ: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا على أنه خبر ليس. إِنما: كافة ومكفوفة. الشّيخ: مبتدأ مرفوع. من: اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ. يدب: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: هو. دبيبا: مفعول مطلق.
وَجُملَة (زعمتني شيخًا): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها ابتدائية. وجملة (لست بشيخ): في محل نصب حال. وجملة (إِنما الشّيخ) لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها تفسيرية. وجملة (يدب دبيبا): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها صلة الموصول.
الشاهد: قوله: (زعمتني شيخا)؛ حيث استعمل الفعل (زعم) بمعنى (ظن)، ونصب مفعولين: أحدهما ياء المتكلم في زعمتني، وثانيهما قوله: (شيخًا)، وهذا مستعمل في كلام العرب من غير شذوذ.
(¬٢) التخريج: هذا صدر بيت، وعجزه قوله: حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَوْمًا مُلِمَّاتُ
وقد نسب صاحب "المحكم" البيت إلى أبي شنبل الأعرابي، ونسبه ثعلب في أماليه إلى أعرابي يقال له: القنان، وهو من شواهد: التصريح: ١/ ٢٤٨، وابن عقيل: ١٢٥/ ٢/ ٣٨ والأشموني:

الصفحة 6