كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 3)

واحتج مدعي الاسمية: بدخول حرف الجر في قول بعض العرب: (ما هي ينعم الولد)، و (نِعم السير على بِئسَ العير).
وأجيب: بأن كلا منهما معمولٌ لقولٍ وُصِف به محذوف؛ أي: (ما هي بولد مقول فيه نعم الولد)، و (على عَيرٍ مقول فيه بئس العير)، فحذف (ولد)، و (عَير) وصفتهما التي هي لفظُ (مقول)؛ فكل من (نعم)، و (بئس) معمول لتلك الصفة المحذوفة؛ لأن (مقول) من الصفات العاملة، وهذا من باب حذف الصفة والموصوف، وإقامة المعمول مقامهما، فحرف الجر في الحقيقة: داخل على اسمٍ حذف مع صفته كما وقع ذلك في الفعل الصريح؛ كقول بعضهم:
وَاللَّهِ مَا لَيلِي بِنَامَ صَاحِبُهْ ... . . . . . . . . . . . . (¬١)
أي: بـ (ليل مقول فيه نام صاحبه).
وكلاهما يرفع فاعلًا، وهو على ثلاثة أقسام:
١. محلى بـ (أل) الجنسية.
٢. ومضاف لما قارنها.
٣. وضمير مفسر بنكرة.
فالأول: كقوله تعالى: {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.
وكذا: نحو: (بئس الشراب)، وتقول؛ (نعم الرجل زيد)، و (بئست المرأة هند)، و (نعمت المرأتان)، و (نعمت النساء الهندات)، وإليه أشار بقوله: (رَافِعَانِ اسْمَيْنِ مُقَارِنَىْ أَل).
والثاني: كقوله تعالى: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}، {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}.
وقول الشيخ: (نعم عقبى الكرماء)، و (بئست بنت المرأة هند).
ولا يضر وجود مضاف آخر: كـ (نعم ابن غلام القوم)، وقول الشاعرِ:
فنِعمَ ابنُ أخْتِ القَوْمِ غيرَ مكذَّبِ ... . . . . . . . . . . . . (¬٢)
---------------
(¬١) تقدم إعرابه وشرحه، والشاهد فيه هنا: قوله: (بنام) حيث دخل حرف الجر في الظاهر على الفعل، ولكنه في الحقيقة داخل على قول محذوف تقديره: (بليل مقول فيه نام صاحبه).
(¬٢) التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: زهيرٌ حسامٌ مفردٌ مِن حَمَائِلِ

الصفحة 114