كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 3)

ونقض بنحو: (ما جاء زيد لكن عمرو)، و (جاء زيد لا عمرو) فقد خالف الثاني الأول في المعنى، ولم يختلف في الإعراب.
وقوله: (محضين) يحترز به عما إذا كان النفي غير محض؛ نحو: (ما أنت إلا تأتينا فتحدثُنا) بالرفع فلا ينصب؛ لأن النفي منتقض بإلا.
وكذا نحو: (ما تزال تأتينا فتحدّثُنا) بالرفع أيضًا؛ لأن نفي النفي إثبات.
وكذا إذا كان الطلب غير محض يعني مدلولًا عليه باسم فعل؛ نحو: (صه)، و (تراك) وسيأتي.
والحاصل:
أن المضارع ينصب بـ (أن) مضمرة وجوبًا بعد هذه الأجوبة، وأن والفعل حينئذ في تأويل مصدر معطوف على مصدر مُتصيَّد فنحو: (استقم .. تفلح)، في تقدير: (ليكن منك استقامة فإفلاح) كما تقدم ذكره.
فما بعد الفاء حينئذ له محل، وفيه تفصيل:
- فإن كان الفعلان لفاعلين .. فالمحل رفع؛ نحو: (زرني فأكرمَك)؛ أي: (ليكن منك زيارة فإكرام)، فالعطف على اسم (كان).
- وإن كانا لواحد نحو: (استقم فتفلحَ) .. احتمل الرفع على تقدير: (ليكن منك استقامة فإفلاح)، والنصب على تقدير: (افعل استقامة فإفلاحًا).
- وأما (ليت) .. فالمحل بعدها نصبٌ مطلقًا؛ لأن ما بعدها ينتصب بها؛ نحو: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ}؛ أي: (يا ليت لي معهم صحبة تفوُّزٍ) ذكر ذلك القواس.
- وإن ارتفع ما بعد الفاء في شيء من هذه الأجوبة .. فهو على تقدير الاستئناف، أو أن الفاء عاطفة لا سببية؛ كقوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}، بعطف (يعتذرون) على (يؤذن).
- أو تثبت النون لتناسب الفواصل.
ونحو قول الشاعرِ:

الصفحة 554