كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 4)

الخليل.
فَإِنْ كَانَ مَا لا بُدَّ مِنْهُ فَغَيْرُ .... مِنَ الأمْرِ أَدْنَى لِلْخَفَاءِ وَأَسْتَرُ
أقُصُّ عَلَى أُخْتَيَّ بَدْءَ حَدِيثِنَا ... وَمَا لِي مِنْ أَنْ يَعْلَمَا مُتَأَخَّرُ
لَعَلَّهُمَا أَنْ تَطْلُبَا لَكَ مَخْرَجًا ... وَأَنْ تَرْحبَا صَدْرًا بِمَا كُنْتُ أَحْصُرُ
فَقَامَتْ كَئِيبًا لَيْسَ فيِ وَجْهِهَا دَمٌ ... مِنَ الحُزْنِ تُذْرِي عَبْرَةً تتحدَّرُ
فَقَالتْ لأخْتَيْهَا: أَعِينَا عَلى فَتَى ... أتى زَائِرًا والأمْرُ للأَمْرِ يُقْدَرُ
فَقَامَتْ إِلَيْهَا حُرَّتَانِ عَلَيْهِمَا ... كِسَاءَانِ مِنْ خَزٍّ دِمَقْصٌ وَأَخْضَرُ
فَأَقْبَلتَا فَارْتَاعَتَا ثُمَّ قَالتَا ... أَقِلِّي عَلَيْكِ اللَّوْمَ فالْخَطْبُ أَيْسَرُ
فَقَالتْ لَهَا الصُّغْرَى سَأُعْطِيهِ مِطْرَفيِ ... وَدرْعِي وَهَذَا البَرْدُ إِنْ كَانَ يَحْذَرُ
يَقُومُ فَيَمْشِي بَيْنَنَا مُتَنكِّرًا ... فَلا سِرَّنَا يَفْشُو وَلا هُوَ يَظْهَرُ
فَكَانَ مِجَنِّي دُون من كُنْتُ أَتَّقِي ... ثلاث شخوصٍ كَاعِبَانِ وَمُعْصِرُ
فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ قُلْنَ لِي ... أَلمْ تَتَّقِ الأَعْدَاءَ والليلُ مُقْمِرُ
وَقُلْنَ أَهَذَا دَأْبُكَ الدَّهْرَ سَادِرًا ... أَمَا تَسْتَحِي أَوْ تَرْعَوي أَوْ تُفَكِّرُ
إذَا جِئْتَ فَامْنَحْ طَرْفَ عَيْنِكَ غَيْرَنَا ... لِكَيْ يَحْسَبُوا أَنَّ الهَوَى حَيْثُ تَنْظُرُ
فآخِرُ عَهْدٍ لِي بِهَا حِينَ أَعْرَضَتْ .... ولاحَ لَهَا خَدٌّ نَقِيٌّ ومَحْجرُ
سِوَى أَنَّنِي قَدْ قُلْتُ يَا نُعْمُ قَوْلَةً ... لَهَا وَالْعِتَاقُ الأرْحَبِيَّاتُ تُزْجَرُ
هَنِيئًا لأَهْلِ العَامِرِيَّةِ نَشْرُهَا الـ .... لذيدُ وَرَيَّاهَا الذي أَتذَكَّرُ
وَقُمْتُ إِلَى عَنْسٍ تَخَوَّنَ نِيَّهَا ... سُرَى اللَّيْلِ حتَّى لَحْمُهَا مُتَحَسِّرُ
وَحَبسي عَلَى الحَاجَاتِ حَتَّى كَأَنَّهَا .... بَقِيَّةُ لَوْحٍ أَوْ شِجَارٌ مُؤَسَّرُ
وَمَاءٍ بمَوْمَاةٍ قَلِيلٍ أُنِيسُهُ ... بَسَابِسَ لَمْ يَحْدُثْ بِهِ الضَّيْفَ مَحضَرُ
بِهِ مُبْتَنًى لِلْعَنْكَبُوتِ كَأَنَّهُ .... عَلَى طَرَفِ الأَرْجَاءِ خَامٌ مُنَشَّرُ
وَرَدْتُ وَمَا أَدْرِي أَمَا بَعْدَ مَوْرِدي ... مِنَ اللَّيْلِ أَمْ قَدْ مضَى مِنْهُ أَكْثَرُ
فَقُمْتُ إِلَى مِغْلاةِ أَرْضٍ كَأَنَّها .... إِذَا التَفَتَتْ مَجْنُونَةٌ حِينَ تَنْظُرُ
مُحَاولَةً لِلْمَاءِ لَولا زِمَامُهَا .... وَجَذْبِي لَهَا كانتْ مِرَارًا تكسَّرُ
فَلَمَّا رَأَيْتُ الضُّرَّ مِنْهَا وَإِنّنِي ... بِبَلْدَةِ أَرْضٍ لَيسَ فِيهَا مُعَصَّرُ
قَصَرتُ لَهَا مِنْ جَانِبِ الحَوْضِ ناشئًا .... جَدِيدًا كَقَابِ الشِّبْرِ أَوْ هُوَ أَصْغَرُ
إِذَا شَرَعَتْ فِيهِ فَلَيْسَ لِمُلْتَقَى .... مَشَافِرِهَا مِنْهُ قِدَى الكَفِّ مُسْأَرُ

الصفحة 101