كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 4)

نحو: (كم ملكت من عبد)، لالتباسه بالمفعول، إذا قيل: (كم ملكت عبدًا).
وقال العلامة القواس: إن جعل تمييزًا فالأولى جره بـ (من) لئلا يلتبس بالمفعول، وإن جعل مفعولًا فـ (كم) في محل نصب ظرف زمان، والتمييز محذوف؛ أي: (كم مرة).
ولكن المشهور: أن تمييز الخبرية لا يحذف، ولا تحتاج الخبرية إلى جواب، ولا تستعمل إلا في الماضي، والكلام معها محتمل للصدق والكذب.
بخلاف الاستفهامية: فيحذف تمييزها جوازًا للقرينة، ويفصل بينهما ولو في السعة؛ لأن الخبر أصل، والاستفهام فرع، والفصل فرع، فكان مع الفرع، وتحتاج إلى الجواب؛ نحو: (عشرون) بعد (كم شخصًا سما؟).
وتستعمل في الماضي وغيره؛ نحو: (كم رجلًا قام) أو (يقوم)، ولا يحتمل الكلام معها الكذب.
وسبق أن لهما الصدارة فلا يعمل فيهما الفعل قبلهما.
وبعض العرب أعمل في الاستفهام ما قبله شذوذًا، كقولهم: (ضرب منٌ مَنًا؟) (¬١)، وقولهم: (كان ماذا؟).
وأنكره بعضهم، فقال بعضهم:
عَابَ قَومٌ (كَانَ مَاذا) ... ليت شعري لمَ هذا؟ (¬٢)
---------------
(¬١) قال في شرح المفصل ٢/ ٤٢٠: وأما يونس فكان يُجيز (مَنَة)، و (مَنَةٌ) و (مَنَةٍ) في الوصل كما يكون مع الوقف، ويَقِيسه على (أي)، وزعم أنَّه سمع عربيًا يقول: (ضرب مَنٌ مَنًا).
وعلى هذا ينبغي إذا ثَنَّى أو جمع فقال: (منان)، أو (منون) أن لا يُغيره، ويُثْبِته وصلًا ووقفًا.
واستدل على ذلك بقولِ شَمِر بن الحارث الطائي الشاعر [من الوافر]:
أَتَوا نارِي فقلتُ: مَنُونَ أَنتُمْ؟ ... فقالوا: الجِن قُلْتُ: عِمُوا ظلامَا
فقلت: إلى الطعامِ فقال منهم ... زَعِيمٌ: نَحسُدُ الإِنسَ الطعامَا؟!
(¬٢) ذكر البيتين السيوطي في المحاضرات والمحاورات ص ٢٥٥، والمقّري في نفح الطيب ٤/ ١٤٥: وقال: وحكى الأستاذ ابن غازي أنهم اختلفوا: هل يقال: (كان ماذا؟) أم لا.
وقال: إن الأستاذ ابن أبي الربيع تطفل على مالك بن المرحل في الشعر، كما أن ابن المرحل تطفل عليه في النحو، قال: ومن نظم مالك بن المرحل في هذه القضية:
عَابَ قَوْم كَانَ مَاذا ... لَيْتَ شِعْري كَانَ مَاذا؟

الصفحة 136