كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 4)

والمبرد والسيرافي والكوفيون: أن المتقدم هو الجواب.
ومِن حذف الجواب للقرينة المعلومة قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ}، التقدير: (فافعل).
وكقولك: (مررت برجل ما شئت من رجل)، فحذف الجواب لدلالة الكلام عليه، والمعنى: (ما شئت من رجل فهو ذاك)، والجملة من الشرط، والجواب: صفة (لرجل) هذا هو الصحيح.
وقال الفارسي: (ما) مصدرية منعوت بها؛ أي: (مررت برجل مشيئتك من رجل).
ويشترط عند حذف الجواب والاستغناء عنه بالشرط: أن يكون الشرط ماضيًا، أو مضارعًا مجزومًا بـ (لم).
ولا يكون مضارعًا مثبتًا إلا في الشعر، نص عليه في "الكافية"، فلا يقال في النثر: (أنت ظالم إن تفعل).
وقد يغني خبر المبتدأ عن جواب الشرط, ويكون ذلك المبتدأ مذكورًا قبل الشرط, والخبر مذكورًا بعد الشرط؛ نحو: (أنت إن فعلت ظالم)، فـ (أنت). مبتدأ، و (ظالم): خبره، أغنى عن جواب الشرط.
---------------
وَمَا ماتَ منَّا سيِّدٌ فِي فِراشهِ ... وَلَا طُلَّ منّا حيثُ كانَ قتيلُ
تَسيلُ على حدِّ الظُّبات نفوسُنَا ... وَلَيْسَ على غير السُّيوف تسيلُ
إِلَى أَن يَقُول فِيهَا:
فنحنُ كماءِ المُزن مَا فِي نِصالنا ... كَهَامٌ وَلَا فِينا يعدُّ بخيلُ
إِذا سيدٌ منَّا خلَا قامَ سيدٌ ... قؤولٌ لما قالَ الكرامُ فَعُولُ
وَما أُخمِدتْ نارٌ لنا دُون طَارق ... وَلَا ذمَّنا فِي النَّازلينَ نَزيلُ
وأيامُنا مشهورَةٌ فِي عدُونا ... لَهَا غُرَر معرُوفة وحُجُولُ
وأسْيافُنَا فِي كلِّ شرقٍ ومغربٍ ... بهَا منْ قِراع الدَّارعينَ فلولُ
مُعَوَّدة أنْ لَا تُسلَّ نِصالها ... فتغمدَ حَتَّى يُستباحَ قتيلُ
سلي إنْ جهلتِ النَّاسَ عنّا وعنهمُ ... فليسَ سواءَ عَالم وجهول
الشاهد: قوله: (وننكرُ إنْ شِئْنَا على الناسِ قَوْلَهُمْ)؛ حيث حذف جواب الشرط واستغنى عنه بالشرط؛ لوجود قرينة يعلم الجواب بها، والأصل: (وننكر إن شئنا على الناس ننكر قولهم).

الصفحة 40