كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 4)

والمشهور: عكس ذلك؛ نحو: (لو قام زيد .. لقام عمرو)، فقيام زيد محكوم بانتفائه، وثبوته مستلزم لحصول قيام من عمرو.
• وإذا وقع بعدها نفي ... كان إثباتًا، وعكسه.
والشرط في ذلك: كالجواب.
وهذا حكم أغلبي؛ لأن جوابها قد يكون لازم الوجود في جميع الأزمنة، فيلزم استمراره وبقاؤه على الحالة التي هو عليها نفيًا كانت أو غيره؛ نحو: (لو ترك العبد سؤال ربه لأعطاه)، فالجواب حاصل على كل حال سواء حصل الأول أو لا.
ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ}، فعدم النفود حاصل أبدًا على كل حال.
وقول عمر رضي اللَّه عنه: "نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه"، فعدم العصيان حاصل في حقه على كل حال.
ومن هنا قال بعضهم: ضابط هذه المسألة: أن يكون لجوابها سبب آخر غير الأول، فعدم العصيان له سبب آخر غير الخوف، وهو الإجلال والتعظيم؛ لأن الخواص لو انتفى خوفهم ما عصوا اللَّه تعالى إجلالًا له.
فمعنى (لو لم يخف لم يعصه): (خاف فلم يعص)؛ لأن الأول منفي فهو مثبت، والثاني باق على ما هو عليه؛ لأن له مسببًا آخر غير الأول: وهو الإجلال.
• والكثير في (لو) الشرطية أن تليها العاضي باقيًا على مضيه؛ نحو: (لو قام زيد أمس لأكرمته).
بخلاف (إن) الشرطية؛ فالماضي بعدها: مستقبل في المعنى؛ كـ (إن قام زيد)، المعنى: (إن يقم زيد).
إلا (كان) فهي على حكمها، لعراقتها في المضي.
ويقل أن يليها مستقبل؛ كما قال: (ويَقِلّ إيْلَاؤهُ مُسْقبَلًا لكِنْ قُبِلْ)؛ لورود السماع به، وحينئذ ترادف (إن) فيؤول الماضي بعدها بمستقبل، نحو: (لو جاء زيد لأكرمته)، المعنى: (لو يجيء زيد لأكرمته)، قال تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ} فهذا ونحوُه وإن كان ماضيًا .. المراد به: الاستقبال، فتقديره: (لو يتركون)، وهو للمصنف رحمه اللَّه.

الصفحة 56