كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 4)

وابن خروف: على أن (كان) الثانية: محذوفة؛ أي: (لو كان حلقي شرق)، فاسم (كان): ضمير الشأن، و (حلقي شرق): جملة في موضع الخبر.
والفارسي: أن (حلقي) فا عل لمحذوف، و (شرق): خبر لمحذوف، أي: (لو شرق حلقي بغير الماء فهو شرق)، وفيه وقوع جوابها جملة اسمية.
وبه قال أبو البقاء: في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ}، فـ (لَمَثُولَةٌ): مبتدأ، و (مِّنْ عِندِ اللهِ): في موضع الصفة له، و (خَيْرٌ):
فلما بعث إلى النعمان بأشعاره .. رق له وندم على ما جاء منه، فخشي أن يخلي عنه فيمكر به، وقد عرف ذنبه إليه، فتركه حتى جاءه كتاب من كسرى في أمر عدي فقطع به، فأمر حرس السجن بقتل عدي فقتلوه، وقال: إنه كان يتشكى.
وأمر رسولي كسرى أن يدخلا السجن، فدخلا عليه وهو ميت، وأعطاهما النعمان ذهبًا ليحسنا عذره عند كسرى، ففعلا.
وكان لعدي بن زيد ولد يقال له: زيد بن عدي، وكان أديبًا عاقلًا، فتوصل زيد بن عدي إلى كسرى حتى أحله محل أبيه، ثم جعل زيد بن عدي يذكر نساء آل المنذر بالجمال والأدب، ويصفهن لكسرى ويرغبه فيهن، حتى اشتاق إلى النكاح منهن، فقال زيد بن عدي: ابعث أيها الملك إلى النعمان في نكاح بعض بناته، وما أظنه يجيبك إلى ذلك احتقارًا لك.
فكتب كسرى إلى النعمان كتابًا في بعض بناته، وأرسل رسولين، ومعهما زيد بن عدي.
فلما دخلوا على النعمان .. قرأ الكتاب، فقال له النعمان: وما يصنع الملك بنسائنا؟ وأين هو عن مها السواد؟ - وَالمَهَا: البقر الوحشية. والعرب تشبه النساء بِالمَهَا.
فحرف زيد القول وقال: إنه قال: أين هو عن البقر لا ينكحهن.
فطلب كسرى النعمان، فهرب منه حينًا، ثم بدا له أن يأتيه بالمدائن، فأتاه. فلقيه زيد بن عدي، فقال له: انج نُعيم، بالتصغير.
فقال النعمان: لألحقنك بأبيك: قال زيد بن عدي: إني قد شددت لك أخية لا يقطعها المُهر الأرن.
فأمر كسرى، فصف له ثمانية آلاف جارية صفين، فلما صار بينهن .. قلن: أما للملك فينا غنى عن بقر السواد.
فعلم النعمان أنه غير ناج منه، ثم أرسل إليه: أنت القائل: عليك ببقر السواد؟
فأرسل إليه النعمان يعتذر، فأبى أن يقبل منه، وأمر به فبطح في ساباط الفيلة، فوطئته حتى مات. فقال الأعشى يذكر أبرويز:
هو المُدخل النعمان بيتًا سماؤه ... نحور فيولٍ بعد بيت مسردق
وفني ملك آل المنذر، وولي كسرى إياس بن قبيصة الطائي، فوليها ثمانية أشهر، ثم مات إياس بعين التمر، واضطرب آل كسرى وضعف ملكهم، وظهر الإسلام.

الصفحة 63