كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 4)

- وتجب اللام إن تقدم القسم؛ كقوله:
فوَاللهِ لَولا اللَّه تُخشَى عَوَاقِبُهْ ... لَحُرِّكَ مِن هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ (¬١)
لأن الجواب حينئذ للقسم مغنيًا عن جواب (لولا).
- وإن نفي بـ (ما) .. فالغالب تجرُّده؛ نحو: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ}.
ومن القليل قولُ الشاعرِ:
لولا رجَاءُ لِقَاءِ الظَّاعِنِينَ لَمَا ... أَبقَتْ نَوَاهُم لنَا رُوحًا وَلَا جَسَدَا (¬٢)
---------------
كَانَ الشَّبَابُ لِحَاجَاتٍ وكُنَّ لَهُ .... فَقَدْ فَرَغْتُ إلَى حَاجَاتِي الأُخَرِ
قَالَتْ سُلَيْمَى بِبَطْنِ القَاع مِنْ سُرُحِ ... لَا خَيْرَ في العَيْشِ بَعْدَ الشَيْبِ والكِبَرِ
وقبل البيت الشاهد قوله:
واسْتَهْزَأَتْ تِرْبُهَا مِنِّي فَقُلْتُ لهَا ... مَاذَا تَعِيبَانِ مِنِّي يَا بْنَتَيْ عَصَرِ
الشاهد: قوله: (عبتكما) حيث تجرد جواب (لولا) من اللام على قلة، والكثير إثباتها.
(¬١) التخريج: البيت من بحر الطويل قالته امرأة في عهد عمر رضي اللَّه عنه، وهو واحد من أبيات قالتها المرأة في قصة ذكرها السيوطي في شرحه على المغني (٢/ ٦٦٨) وملخصها: أن عمر ابن الخطاب كان يطوف ذات ليلة بالمدينة، فسمع تلك المرأة تنشد هذه الأبيات:
تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وأرقني أن لا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لزعزع من هذا السرير جوانبه
وبت ألاهي غير بدع منعمًا ... لطيف الحشا لا يحتويه مصاحبه
يلاعبني فوق الحشايا وتارة .... يعاتبني في حبه وأعاتبه
ولكنني أخشى رقيبًا موكلا ... بأنفسنا لا يستريح مراقبه
ثم تنفست الصعداء وقالت: هان على ابن الخطاب وحشتي في بيتي وغيبة زوجي عني؟
فدخل عليها عمر وقال لها: يرحمك الله وأين زوجك؟
فقالت له: في بَعث كذا.
فكتب في الوقت بقفوله عليها، وبعث إليها بنفقة وكسوة، وقال: لا أحبس أحدا من الجيش أكثر من أربعة أشهر.
الشاهد: قولها: (لولا الله ... لحرك) حيث وجبت الام في جواب (لولا) المثبت؛ لتقدم القسم.
(¬٢) التخريج: البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٥٩٩؛ وشرح الأشموني ٣/ ٦٠٩.

الصفحة 75