كتاب شرح الفارضي على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 4)

عنها بأجنبي كـ (عمرو وبكر) فلا يقال: (زيد ضربت عمرًا) ونحوه؛ لأن الضمير عائد على المبتدأ، و (عمرًا) لا يقوم مقامه؛ فإن كان عائدًا على اسم في جملة أخرى .. جاز الإخبار عنه؛ نحو أن يقال: (هل ضربت زيدًا؟)، وتقول: (ضربته)، وهذه الهاء يجوز الإخبار عنها، فتقول: (الذي ضربته هو)، فـ (الذي): مبتدأ، و (ضربته): صلته، والهاء في (ضربته) هي التي جيء بها خلفًا عن الهاء الأولى التي جعلت خبرًا عن الموصول، وهي قولي: (هو)، فاعرف ذلك.
• ولا يصح أن يخبر عن الهاء من (زيد ضربته) كما ذكر؛ إذ لو أخبرت عنها .. لفصلتها وأخرتها وجعلتها خبرًا وجئت بضمير خلفًا عنها، وقلت: (الذي زيد ضربته هو)، فهذا الضمير المنفصل هو الهاء من (زيد ضربته)، فلما جعل خبرًا .. وجب انفصاله وتأخيره، والهاء في (ضربته) هي التي جيء بها خلفًا عن ذلك.
والحاصل: أن هذا التركيب لا يجوز؛ لأنك إن قدوت الهاء في (ضربته) رابطًا بين المبتدأ الذي هو (زيد)، والخبر الذي هو (ضربته) .. بقي الموصول بلا عائد، وإن جعلته عائدًا على الموصول .. بقي الخبر بلا وابط.
ومما لا يستغني عنه بأجنبي: الأمثال ونحوها؛ فإنها لا تتغير، فلا يخبر عن (الكلاب) من نحو قولهم: (الكلاب على البقر) (¬١)، ولا (اللبن) من: (الصيف ضيعتِ اللبن) (¬٢).
---------------
(¬١) ذكره الميداني في مجمع الأمثال ٢/ ١٤٢: الكِلَابَ عَلَى البَقَرِ
يضرب عند تحريش بعض القوم على بعض من غير مبالاة، يعني لا ضَرَر عليك فَخَلِّهم.
ونصب (الكلابَ) على معنى أرسل الكلاب.
ويقَال: (الكراب على البقر) هذا من قولك: كَرَبْتُ الأرضَ، إذا قلبتها للزراعة يضرب في تخلية المرء وصناعته.
(¬٢) ذكره أيضا الميداني في المجمع (٢/ ٦٨): فِي الصِّيفِ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ
ويروى (الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ) والتاء من (ضيعت) مكسور في كل حال إذا خوطب به المذكر والمؤنث والاثنان والجمع؛ لأن المثَلَ في الأصل خوطبت به امرَأة، وهي دَخْتَنُوس بنت لقيط بن زرارة كانت تحت عمرو بن عُدَاس، وكان شيخًا كبيرًا فَفَرِكَتْهُ (فَرِكَتْهُ: كَرِهَتْهُ) فطلقها، ثم تزوجها فتى جميل الوجه، أجْدَبَتْ، فبعثت إلى عمرو تطلب منه حَلُوبة.

الصفحة 89