كتاب الفتاوى - محمد الأمين الشنقيطي (اسم الجزء: الكتاب)
وهذه الآيات التي أطلق فيها القلب مرادًا به العقل لأن القلب هو محله، أوضح الله [ذلك] [١] المراد منها بقوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: ٤٦] فصرح بأنهم يعقلون بالقلوب، وهو يدل على أن محل العقل القلب دلالة لا مطعن فيها كما ترى.
وقال تعالى: {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} [الشورى: ٢٤] ولم يقل: يختم على دماغك، وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} الآية [الأنعام: ٤٦]، ولم يقل: وختم على أدمغتكم.
وقال تعالى في النحل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٠٨)}.
وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} الآية [الحجرات: ٣] ولم يقل: امتحن أدمغتهم.
وقال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} الآية [الحجرات: ٧]. والآيات بمثل هذا كثيرة، ولنكتف منها بما ذكرنا خشية الإطالة المملة.
وأما الأحاديث المطابقة للآيات التي ذكرنا الدالة على أن محل العقل القلب، فهي كثيرة جدًّا كالحديث الصحيح الذي (ذكر) [٢] والذي فيه: "ألا وهي القلب" (¬١)، ولم يقل فيه: ألا وهي الدماغ، وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" (¬٢)، ولم يقل: يا مقلب الأدمغة ثبت
---------------
(¬١) تقدم قريبًا.
(¬٢) أخرجه أحمد: ١٩/ ١٦٠، والترمذي: ٢١٤٠، وابن ماجه: ٣٨٣٤، وغيرهم عن أنس - رضي الله عنه -. =
[١] قال معد الكتاب للشاملة: زيادة من (أ).
[٢] قال معد الكتاب للشاملة: في (أ): ذكرتم.