كتاب الفتاوى - محمد الأمين الشنقيطي (اسم الجزء: الكتاب)

حكم النص عند جماهير العلماء.
مما يدلك على ذلك أن الإمام أبا حنيفة لا يقول بالقياس في الكفارات (¬١)، وقد قال فيها [بالإلحاق] بنفي الفارق، وذلك في الأعرابي الذي قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - يضرب صدره، وينتف شعره، ويقول: هلكت وأهلكت، واقعت أهلي في [نهار] رمضان، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أعتق رقبة" (¬٢).
والنبي - صلى الله عليه وسلم - نصَّ على كفارة صوم رمضان في خصوص الجماع، ولم يتكلم على الشرب والأكل عمدًا فيه، فحكمَ مالك (¬٣) وأبو حنيفة (¬٤) بإلغاء الفارق، وإلحاق الأكل والشرب المسكوت عنهما بالجماع المنصوص عليه في وجوب الكفارة، [فقالا] بوجوبها في الأكل والشرب عمدًا.
أما ما وعدنا به من كلام الفقهاء على طريق المناظرة الشرعية، فإنا نقول:
أولًا: من ادعى بطلان الصلاة بالطائرة، فهو الذي عليه البيان، ومدعي الصحة معه الأصل؛ لأنها صلاة لم يختل منها ركن ولا شرط، و (¬٥) أركان الصلاة، وشروطها معروفة لا يختل بالطائرة منها شيء، ولا دليل على بطلانها فيها من كتاب ولا سنة ولا إجماع [ولا كلام عن أحد
---------------
(¬١) انظر: تيسير التحرير: ٤/ ١٠٣، وإرشاد الفحول: ٢٢٣.
(¬٢) أخرجه البخاري الصحيح مع الفتح: ٤/ ١٦٣، ومسلم حديث رقم (١١١١).
(¬٣) انظر: المنتقى: ١/ ٥٢، وعقد الجواهر الثمينة: ١/ ٣٦٣، وحاشية الدسوقي: ١/ ٥٢٧.
(¬٤) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن: ٢/ ١٩٣، ومختصر اختلاف العلماء للجصاص: ٢/ ٢٩، والمبسوط: ٣/ ٧٣، وفتح القدير: ٢/ ٣٣٨، ٣٣٩.
(¬٥) في الأصل: "من" والتصويب من المطبوعة.

الصفحة 63