كتاب فصل في تزكية النفس

وقال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] الآية ونحوها. وقوله تعالى في سياق ذكر الرمي بالفاحشة وذم (المظهر لها) (¬1) والمتكلم بما لا يعلم: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: 21]. بيّن أن الزكاة إنما تحصل بترك الفاحشة، ولهذا قال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: 30].
وذلك أن ترك السيئات هو من أعمال (النفس) (¬2) فإنه (يؤمن) (¬3) أن السيئات مذمومة ويكره فعلها ويجاهد نفسه إذا دعته إليها (إن كان مصدقا لكتاب ربه مؤمناً بما جاء عن نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (¬4)، وهذا التصديق (والإيمان) (¬5) والكراهة وجهاد النفس أعمال تعملها النفس المزكاة فتزكو (النفس) (¬6) بذلك أيضا؛ بخلاف ما إذا عملت السيئات فإنها (تتدنس) (¬7) وتندس وتنقمع كالزرع إذا نبت معه الدغل. والثواب إنما يكون على
¬__________
(¬1) في المطبوع: من أحب إظهارها في المؤمنين.
(¬2) أشار في حاشية المخطوط: الإنسان.
(¬3) في المطبوع: تعلم.
(¬4) زيادة من المطبوع.
(¬5) زيادة من المطبوع.
(¬6) سقط من المطبوع.
(¬7) زيادة من المطبوع.

الصفحة 22