كتاب فصل في تزكية النفس

الأبيض من الدنس اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب» (¬1). وهذا كان يدعو به في الاستفتاح الصلاة وفي الاعتدال من الركوع. (وكذلك في الحديث الصحيح أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على ميت فقال: «اللهم اغسله بماء وثلج وبرد، ونقه من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس») (¬2)، والغسل بهذه الأمور توجب تبريد المغسول، والبرد يعطي قوة وصلابة وما يُسرّ يوصف بالبرد، (ويقال) (¬3): قرة العين ولهذا كان دمع السرور بارداً ودمع الحزن حاراً؛ لأن ما يسوء النفس يوجب حزنها وغمها (وذلك بسخن الباطن) (¬4)، وما يسرها يوجب فرحها وسرورها وذلك مما يبرّد الباطن، (ولهذا يقال: برد قلبي) (¬5). فسأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغسل الذنوب على وجه يبرد القلوب أعظم برد يكون بما فيه من الفرح والسرور الذي أزال عنه ما يسوء النفس من الذنوب.
¬__________
(¬1) رواه البخاري (744) كتاب الصلاة باب ما يقول بعد التكبير، ومسلم (598) كتاب المساجد من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
(¬2) سقط من المطبوع، والحديث رواه مسلم (963) كتاب الجنائز من حديث عوف بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
(¬3) سقط من المطبوع.
(¬4) سقط من المطبوع.
(¬5) سقط من المطبوع.

الصفحة 30