كتاب فصل في تزكية النفس

وبرد قلبه) (¬1) وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 130] دليل على أن عمل الحسنات يطهر النفس ويزكيها من الذنوب السالفة، فإنه قال هذا بعد قوله: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102] الآية وما بعدها.
فالتوبة والعمل الصالح يحصل بهما التطهير والتزكية ولهذا قال في سياق قوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} إلى قوله {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. فأمرهم جميعا بالتوبة في سياق ما ذكره (من الأمر بغض البصر وحفظ الفرج) (¬2)؛ لأنه لا يسلم أحد من ذنب من هذا الجنس. كما في الصحيح عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (¬3): «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، فهو يدرك (ذلك) (¬4) لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واللسان يزني وزناه النطق، واليدان تزني وزناهما
¬__________
(¬1) سقط من المطبوع.
(¬2) سقط من المطبوع.
(¬3) سقط من المطبوع.
(¬4) زيادة من صحيح البخاري ومسلم.

الصفحة 32