كتاب فصل في تزكية النفس

وكما قال ابن عباس للخوارج الذين خرجوا على علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أتيتكم من عند أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المهاجرين، والأنصار، ومن عند ابن عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصهره، وعليهم نزل القرآن، فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد (¬1).
فعلامة الإحداث في العبادات: حينما لا ترى الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يتعبدون بها، فالشيطان يزيّن العبادة ويُبهرجها في نظر العابد من حيث الذوق والوجد لا من حيث الوحي، فينبغي الحذر من إحداث منسك يُتنسك به مبني على ما تهواه النفس، قال حذيفة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله، فلا تتعبدوا بها؛ فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً؛ فاتقوا الله يا معشر القراء، خذوا طريق من كان قبلكم (¬2).
فلو كان خيراً لكانوا أسبق الناس إليه، فما تركوا من خير إلا ودلّونا عليه، فإنه ما حدثت البدع ولا ظهرت الأهواء إلا لما اتخذ الناس مسلكاً وطريقاً غير طريق الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
¬__________
(¬1) رواه النسائي في السنن الكبرى (8522).
(¬2) الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع (ص: 77).

الصفحة 5