كتاب فصل في تزكية النفس

الكفتين علامة على قدر الثقل والخفة.
وقد ضرب الله مثل الإيمان بنور في مشكاة، ومثل الكفر بظلمات بعضها فوق بعض، فالدلائل الكثيرة تدل على أن الأعمال التي هي أعراض تُصور صور قائمة تُحمل أو تَحمل أصحابها وتوزن وتمشي أمام أصحابها وتخاطب أصحابها وتؤنسهم، ولبسط هذا موضع آخر.
فإن المقصود أنه إذا نطق الكتاب والسنة وأقوال السلف بوزن الحسنات والسيئات دل على قول من قال بذهاب بعض الحسنات بالسيئات كما يذهب بعض السيئات بالحسنات.
وعن ابن عباس: توزن الحسنات والسيئات في ميزان له لسان وكفتان، فأما المؤمن فيُؤتى بعمله في أحسن صورة فيوضع في كفة الميزان وهو الحق فتثقل حسناته على سيئاته فيوضع عمله في الجنة فيعرفها بعمله فذلك قوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي الناجون وهم أعرف بمنازلهم في الجنة إذا انصرفوا إليها من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم، وأما الكفار فيؤتي بأعمالهم في أقبح صورة فتوضع في كفة الميزان وهي الباطل فيخف وزنه حتى يقع في النار ثم

الصفحة 53