كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 1)

ومنهم من قال: العمل أشرف من الفعل، فلا يطلق العمل إلا على ما فيه شرف ورفعة بخلاف الفعل، فإن مقلوب عمل: لمع، ومعناه ظهر وأشرف.
وهذا فيه نظر، فإن عمل السيئات يسمى أعمالا كما قال تعالي {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] وقال {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا} [غافر: 40] ولو قيل عكس هذا لكان متوجها، فإن الله تعالى إنما (177 - أ / ف) يضيف إلى نفسه الفعل كقوله تعالى {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا} [إبراهيم: 45] ، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد} [الفجر: 6] {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} ، {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء} [الحج: 18] .
وإنما أضاف العمل إلى يديه كما قال {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] وليس المراد هنا الصفة الذاتية - بغير إشكال - وإلا استوى خلق الأنعام وخلق آدم عليه السلام. واشتق سبحانه لنفسه أسماء من الفعل دون العمل، قال تعالى {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] .
ثم قال البخاري - رحمه الله: ويزيد وينقص. قال الله عز وجل {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4] {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13] ، {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76] ، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد: 17] ، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31] ،

الصفحة 7