كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 2)

ولو كانت يدها نجسة لمنعت مِن دهن رأس الرجل وغسله.
وقد ألحق عروة الجنب بالحائض، وَهوَ كَما قالَ، بل الجنب أولى بالطهارة؛ فإنه أخف حدثاً.
وقد كانَ ان عباس يكره ترجيل الحائض رأسه، ختى نهته خالته ميمونة عَن ذَلِكَ: قالَ الإمام أحمد: ثنا سفيان، عَن منبوذ، عَن أمه، قالت: كنت عند ميمونة، فأتاها ابن عباس، فقالت: يابني! مالك شعثاً رأسك؟ قالَ: أم عمار مرجلتي حائض، قالت: أي بني! وأين الحيضة مِن اليد؟ كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدخل على أحدانا وهي حائض، فيضع رأسه في حجرها، فيقرأ القرآن وهي حائض، ثُمَّ تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض، أي بني! وأين الحيضة مِن اليد؟
واستدل جماعة مِن الفقهاء بترجيل الحائض رأس الحي وغسله على جواز غسلها للميت، مِنهُم: أبو ثور، وله في ذَلِكَ حكاية معروفة، إذ سئل عَن هَذهِ المسألة جماعة مِن أهل الحديث فلم يهتدوا للجواب، فأجاب أبو ثور بالجواز، واستدل بهذا الحديث، وبحديث: ((إن حيضتك ليست بيدك)) .
وحكي عَن أحمد - أيضاً - نظير هَذهِ الحكاية بإسناد فيهِ بعض مِن لايعرف.
وممن رخص في تغسيل الحائض والجنب للميت: عطاء والثوري.

الصفحة 16