كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 2)

كيف كنت تصنعين معَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحيض؟ قالت: كانت إحدانا في فورها، أول ما تحيض تشد عليها إزاراً إلى أنصاف فخذيها، ثُمَّ تضطجع معَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وإسناده حسن، وفي إسناده: ابن إسحاق.
وفي هَذا الحديث - معَ حديث عائشة الثاني الذِي خرجه البخاري هاهنا -:
دلالة على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كانَ يامر الحائض بالاتزار في أول حيضتها، وَهوَ فور الحيضة وفوحها، فإن الدم حينئذ يفور لكثرته، فكلما طالت مدته قل، وهذا مما يستدل بهِ على أن الأمر بشد الإزار لَم يكن لتحريم الاستمتاع بما تحت الإزار، بل خشية مِن إصابة الدم والتلوث بهِ، ومبالغة في التحرز مِن إصابته.
وقد روى محمد بنِ بكار بنِ بلال: نا سعيد بنِ بشير، عَن قتادة، عَن الحسن، عَن أمه، عَن أم سلمة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتقي سورة الدم ثلاثاً، ثُمَّ يباشر بعد ذَلِكَ.
وهذا الإسناد وإن كانَ فيهِ لين، إلا أن الأحاديث الصحيحة تعضده وتشهد لَهُ.
وفي ((سنن أبي داود)) مِن حديث عكرمة، عَن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد مِن الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً.
وإسناده جيد.
وَهوَ محمول على ما بعد الثلاث إذا ذهبت سورة الدم

الصفحة 31