كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 2)

واختاره ابن المنذر، وقال: إذا لم يرد التعليم فهو مكروه؛ لحديث ابن مسعود.
ومن أصحابنا من حكى رواية عن أحمد كذلك.
والذين كرهوا ذلك مطلقا اختلفوا في الجواب عن حديث سهل بن سعد في صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر:
فمنهم من قال: قد يفعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما هو مكروه لغيره لبيان جوازه، ولا يكون ذلك مكروها في حقه في تلك الحال، ويكره لغيره بكل حال.
وهذا ذكره طائفة من أصحابنا كالقاضي أبي يعلى وغيره، ووقع في كلام الخطابي ما يشبهه.
ومنهم من قال: المكروه أن يقوم الإمام على مكان مرتفع على المأمومين ارتفاعا كذراع ونحوه، فإنه يحوج المأمومين في صلاتهم إلى رفع أبصارهم إليه للاقتداء به وهو مكروه، فأما الارتفاع اليسير فغير مكروه، ويحتمل أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان وقوفه على درجة المنبر الأولى، فلا يكون ذلك ارتفاعا كثيرا.
وتقدير الكثير بالذراع قول القاضي أبي يعلى من أصحابنا.
وقياس المذهب: أنه يرجع فيه إلى العرف.
وذكر الطحاوي - من الحنفية - أنه مقدر بما زاد على قامة الإنسان.

الصفحة 456