كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 2)

عليها النسيان، وهي غير قادرة على الغسل، بخلاف الجنب.
وحكى أبو ثور ذَلِكَ عن الشافعي، وأنكره أصحاب الشافعي عنه.
وعكس ذَلِكَ آخرون، منهم: عطاء، قالَ: الحائض أشد شأناً من الجنب، الحائض لا تقرأ شيئاً من القرآن، والجنب يقرأ الآية.
خرجه ابن جرير بإسناده عنه.
ووجه هذا: أن حدثَ الحيض أشد من حدث الجنابة؛ فإنه يمنع ما يمنع منه حدث الجنابة وزيادة، وهي الوطء والصوم، وما قيل من خشية النسيان فإنه يندفع بتذكر القرآن بالقلب، وهو غير ممنوع به.
وفي نهي الحائض والجنب عن القراءة أحاديث مرفوعة، إلا أن أسانيدها غير
قوية، كذا قالَ الإمام أحمد في قراءة الحائض، وكأنه يشير إلى أن الرواية في الجنب
أقوى، وهو كذلك.
وأقوى ما في الجنب: حديث عبد الله بن سلمة، عن علي، قالَ: كانَ
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه - أو يحجزه - عن القرآن شيء، ليس الجنابة.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وخرجه الترمذي بمعناه، وقال: حسن صحيح، وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحيهما)) والحاكم، وقال صحيح الإسناد.
وتكلم فيهِ الشافعي وغيره؛ فإن عبد الله بن سلمة هذا رواه بعدما كبر، قالَ شعبة عنه: كانَ يحدثنا، فكنا نعرف وننكر ,،

الصفحة 48