كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 2)

بسم الله الرحمن الرحيم
6 - كِتابِ الحيض
وقول الله عز وجل: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:222] إلى قولُهُ: {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222] .
خرج مسلم في ((صحيحه)) مِن حديث حماد بنِ سلمة: نا ثابت، عَن أنس، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لَم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأنزل الله عز وجل: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:222] إلى آخر الآية، فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((اصنعوا كل شيء إلا النكاح)) - وذكر بقية الحديث.
فقوله عز وجل: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} ، أي: عَن حكمه والمباشرة
فيهِ.
و ((المحيض)) ، قيل: إنَّهُ مصدر كالحيض، وقيل: بل هوَ اسم للحيض، فيكون اسم مصدر.
وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذىً} [البقرة:222] ، فسر الأذى بالدم النجس وبما فيهِ مِن القذر والنتن وخروجه مِن مخرج البول، وكل ذَلِكَ يؤذي.
قالَ الخطابي: الأذى هوَ المكروه الذِي ليسَ بشديد جداً؛ كقوله: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذى} [آل عمران:111] ، وقوله: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ} [النساء: 102] ، قالَ: والمراد: أذى يعتزل منها موضعه لا غيره، ولا يتعدى

الصفحة 5