كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 2)

وفي حديث عثمان بن سعد، عن ابن أبي مليكةَ، عن فاطمة بنت أبي حبيشٍ، عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: ((إنما هوَ عرق انقطع، أو داءٌ عرض، أو ركضةٌ من الشيطان)) .
وروى أبو عبيد في ((غريبه)) : نا حجاج، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، أنه سئل عن المستحاضة؟ فقالَ: ذَلِكَ العاذل يغذو.
قالَ أبو عبيد: ((العاذل)) : اسم العرق الذي يخرج منه دم الاستحاضة.
وقوله: ((يغذو)) - يعني: يسيل.
قالَ: ونا أبو النضر، عن شعبة، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: إنه عرق عاند، أو ركضة من الشيطان.
قالَ: وقوله: ((عاند)) - يعني: أنه عندَ وبغي كالإنسان يعاند عن القصد فهذا العرق في كثرة ما يخرج من الدم بمنزلته. والركضة: الدفعة.
وقد اختلف العلماء في تفسير الاستحاضة، على حسب اختلافهم في حد أكثر الحيض.
فمن قالَ: لهُ حد محدود، قالَ: المستحاضة من جاوز دمها أكثر الحيض، وهذا قول الأكثرين منهم.
وقد أشار البخاري إلى الاختلاف في ذَلِكَ - فيما بعد -، ويأتي الكلام فيهِ في موضعه - إن شاء الله تعالى.
ومن قالَ: ليس لأكثره حد محدود، وإنما يرجع إلى عادة المرأة، فإنه يرى أن عادتها إذا زاد الدم عليها مدة طويلة كانَ ذَلِكَ استحاضة.

الصفحة 53