كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 2)

ذَلِكَ إلى سائر بدنها، فلا يجتنبن ولا يخرجن مِن البيوت كفعل المجوس وبعض أهل الكِتابِ، فالمراد: أن الأذى بهن لا يبلغ الحد الذِي يجاوزونه إليه، وإنما يجتنب منهن موضع الأذى، فإذا تطهرن حل غشيانهن.
وقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيض} [البقرة:222] ، قَد فسره النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باعتزال النكاح، وسيأتي فيما بعد - إن شاء الله تعالى - ذكر ما يحرم مِن مباشرة الحائض وما يحل منهُ في الباب الذِي يختص المباشرة مِن الكِتابِ.
وقد قيل: بأن المراد بالمحيض هاهنا: مكان الحيض، وهو الفرج، ونص على ذَلِكَ الإمام أحمد، وحكاه الماوردي عَن أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجمهور المفسرين، وحكى الإجماع على أن المراد بالمحيض المذكور في أول الآية: الدم.
وقد خالف في ذَلِكَ ابن أبي موسى مِن أصحابنا في ((شرح الخرقي)) ، فزعم أن مذهب أحمد أنَّهُ الفرج - أيضاً -، وفيه بعد.
وجمهور أصحاب الشَافِعي على أن المراد بالمحيض في الآية الدم، في الموضعين.

الصفحة 6