كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 2)

أو كانت لها عادة ونسيتها.
وقد اختلف العلماء في حكم ذَلِكَ: فذهب الشافعي وأحمد إلى اعتبار التمييز والعادة معاً، فإن انفرد أحدهما عملت به، بغير خلاف عنهما.
وإن اجتمعا واختلفا، ففيه قولان:
أحدهما: تقدم التمييز على العادة، وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد اختارها الخرقي.
والثاني: تقدم العادة على التمييز، وهو المشهور عن أحمد، وعليه أكثر
أصحابه، وهو قول إسحاق والإصطخري وابن خيران من الشافعية.
وهو قول الأوزاعي، حتى إنه قدم رجوعها إلى عادة نسائها على تمييز الدم.
وذهب مالك إلى أن لا اعتبار بالعادة، وأن العمل على التمييز وحده، فإن لم يكن لها تمييز فإنها لا تترك الصلاة أصلاً، بل تصلي أبداً، ويلزمها الغسل لكل صلاة في الوقت لاحتمال انقطاع الحيضة فيهِ.
ومذهب أبي حنيفة وسفيان: أن الاعتبار بالعادة وحدها دون التمييز، فإن لم يكن لها عادة فإنها تجلس أقل الحيض، ثم تغتسل وتصلي.
وأما من لا عادة لها ولا تمييز، فإذا كانت ناسيةً، فذهب أبو حنيفة إلى أنها تقعد العادة، تجلس أقل الحيض ثم تغتسل وتصلي.
ومذهب مالك: أنها تقعد التمييز أبداً، وتغتسل، كما تقدم.
وللشافعي فيها ثلاث أقوال: أحدهما: أنها تجلس أقل الحيض. والثاني:

الصفحة 61