كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 3)

ولا نعلم خلافا أنه لو حلف لا يجلس على بساط، فجلس على الأرض لم
يحنث، وقد سماها الله بساطا، وكذلك لو حلف لا يجلس تحت سقف فجلس تحت السماء، وقد سمى الله السماء سقفا، وكذلك لو حلف لا يجلس في ضوء سراج فجلس في ضوء الشمس.
فإن هذه الأسماء غير مستعملة في العرف، والأيمان إنما تنصرف إلى ما يتعارفه الناس في مخاطباتهم دون ما يصدق عليه الاسم بوجه ما في اللغة على وجه التجوز. والله أعلم.
وإنما قال أصحابنا: لو حلف ليرين امرأته عارية لابسة أنه يبرأ برؤيتها في الليل عارية؛ لأن جمعه بين عريها ولبسها قرينة تدل على أنه لم يرد لبسها لثيابها؛ فإن ذلك لا يجتمع مع عريها.
وأما نضح الحصير: فاختلف في معناه:
فقيل: هو تطهير له، وإزالة لما يتوهم فيه من إصابة النجاسة له مع كثرة استعماله وطول عهده في بيته يتربى فيه أولاد صغار.
وعلى هذا؛ فقيل: أن النضح هو الغسل، وقيل: بل هو الرش.
وهذا يستدل به على تطهير ما شك في نجاسته بالنضح، وقد سبق ذكر ذلك في ((كتاب: الوضوء)) ، وأن عمر وغيره فعلوه، وأن من الناس من خالف فيه، وقال: لا يزيده النضح إلا شراً.
وقيل: بل النضح هو تنظيف له من الوسخ، وتلين له.
وعلى هذا؛ فالمراد بالنضح فيه بالرش على ظاهر اللفظ.
وهو

الصفحة 16