كتاب فتح الباري لابن رجب (اسم الجزء: 3)

اخبره، أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا له عليه في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المسجد، فارتفعت اصواتهما حتى سمعها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى كشف سجف حجرته، ونادى كعب بن مالك، فقال: ((يا كعب)) قال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن ((ضع الشطر من دينك)) . قال كعب: قد فعلت يا رسول الله. قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قم فاقضه)) .
البخاري يروي في كتابه هذا عن أحمد - غير منسوب -، عن ابن وهب، وقد اختلف فيه:
فقيل: هو: ابن عبد الرحمن بن وهب ابن أخي ابن وهب -: قاله أبو أحمد الحاكم وغيره.
وأنكر آخرون أن يكون يروي عن ابن أخي ابن وهب هذا شيئا في كتابه؛ فإنه قد كثر الطعن عليه.
قالوا: ويحتمل أنه أحمد بن صالح المصري الحافظ، أو أحمد بن عيسى التستري؛ فإنه روى عنهما صريحا في مواضع. والله أعلم.
ويستدل بهذا الحديث من يجيز رفع الأصوات بالخصومات في المساجد عند الحكام وغيرهم؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم ينكر ذلك عليهما، إنما أصلح بينهما، وأمر صاحب الحق بأن يضع شيئا منه، ثم أمر المدين بالقضاء لما بقي عليه، وهذا إصلاح.
ومن كره ذلك أجاب: بأن ما وقع من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو قطع لما وقع

الصفحة 400